بالتالي لتكون قاعدة من قواعد الثورة عندما انفجرت هذه الثورة).
أحب الشيخ مبارك الأغواط وأهلها الذين بادلوه حبا بحب وإخلاصا بإخلاص، بعد أن سلخ بينهم أحلى سنوات العمر في عمل دؤوب وجهد مستمر. لقد جاءها وعمره ثلاثون عاما، وكانت أيامه بها حلوة هانئة، فتزوج فيها من ابنة شيخه (محمد الميلي - جاء بها من ميلة). وولد له في الأغواط ابنه البكر محمد. وظن أن الحياة ستسير به في يسر متنقلا من نجاح إلى نجاح أكبر، ومن نصر إلى نصر أعظم في حياة العمل والإنتاج. ولم يشعر باقتراب السحب المزمجرة من أفق حياته.
عرف الشيخ مبارك خطورة التعليم الإفرنسي على حياة الناشئة، فخصص لهؤلاء الناشئة أيام عطلهم وبعض الوقت في كل يوم،
خارج أوقات دوامهم في المدارس الإفرنسية وذلك لتعليمهم أصول دينهم، وليحسن توجيههم، ويزيل من عقولهم ونفوسهم ما
تدسه برامج التعليم الإفرنسية من توجيهات سيئة. وكانت السلطة الاستعمارية في الأغواط تعتقد أن مدرسة الأغواط، مثلها كمثل الكتاتيب التعليمية العقيمة، فلم تقم لها وزنا في بداية الأمر. غير أنها استفاقت فجأة لتعرف بأن الشيخ مبارك قد دمر لها كل جهودها، وأحبط لها كل خططها، فأخذت في الكيد له والتحريض ضده. غير أن هذه الوسيلة المكشوفة والرخيصة لم تحقق هدفها، فما كان من الإدارة الإفرنسية إلا أن لجأت إلى ذات السلاح الذي استخدمته - في وقت واحد - ضد الشيخ ابن باديس، فدفعت من يعمل على اغتياله من قبل الطرقيين وذلك في سنة ١٩٢٦.