للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالعودة إليها، أو أن يدخلها عرب آخرون مكانهمم ويتصرفون فيها بصفة تجعلها غير صالحة للسكنى - ولقد تركت (٢٠٠) جندي بالقصر، و (٦٠٠) جندي بالمدينة، وإذا ما رأينا السماح للعرب بسكنى المدينة من جديد، فعلينا أن نقيم حصنا قوق المرتفع الذي يعلو المرسى، حتى نستطيع نجدة جند القصر).

لم يكن باستطاعة (خير الدين) وهو يتابع شراسة الهجمة الصليبية، الوقوف في حالة من العطالة أو الجمود، فقرر توجيه ضربة للإسبانيين في قواعدهم، ووقع اختياره على مدينة (ماهون) عاصمة جزائر الباليئار، والمدينة الأولى في جزيرة (مينورقة).

قاد (خير الدين) أسطوله بكفاءة، حتى إذا ما وصل إلى (ماهون) قام باحتلالها، غير أنه تجنب سفك الدماء، ولم يفعل ما فعله الإسبانيون في تونس. واكتفى باستحواذ كل ما ضمته المدينة من الثروات. وعاد بها إلى الجزائر، حيث تم توزيعها على المجاهدين بعد تخصيص الخمس (لبيت مال المسلمين) أما الأسرى الذين اقتادهم (خير الدين) من جزيرة (مينورقة) وعددهم ستة آلاف نسمة فقد احتفظ بهم في الجزائر.

كان من أثر هذه الإغارة الانتقامية أن تناقصت أهمية انتصارات الإسبانيين في المغرب الإسلامي وأخذت الشكوك في التعاظم حول أهمية ما تبذله القوات الصليبية طالما أن التهديد الذي تمثله الجزائر لا زال قائما، وطالما أن الخطر الذي يمثله (خير الدين) لا زال مستمرا.

وترددت أصداء انتصار (خير الدين) - كالعادة - وبصورة متضادة في العاصمتين المتصارعتين (استانبول - و - مدريد) حيث كان الصراع قد وصل ذروته على كافة الجبهات، الأمر الذي دفع السلطان سليمان القانوني إلى استدعاء (خير الدين) إلى القسطنطينية لتولي قيادة

<<  <  ج: ص:  >  >>