عنيفة عدة مرات في الأسبوع. فلم يرعوا حرمته الدينية، ولا سنه المتقدمة، ولا مرضه الشديد، وانتزعوها من فراش المرض بكل وحشية وفظاعة. ثم أخذوا في التفتيش الدقيق للسكنى والملفات والكتب والرسائل، بعد أن حجزوا عائلته، وفصلوه عن أبنائه وبناته. وانهالوا بالضرب على أكبرهم لما حاول مساعدة والده المريض، ثم أخرجوه حاسر الرأس، حافي القدمين غير متدثر بشيء من لباسه المفضل، وأرغموه على ارتداء سروال ولده - البنطال الإفرنجي - ومعطفه، وكلاهما لا يصلح لباسا له لصغره. وكان من المحقق لدى العائلة أنهم ذهبوا به للتحقيق معه، وإنما عومل هاته المعاملة لأنهم لم يشاؤوا أن يميزوه بشيء عن أفراد شعبه، زيادة في النكال والاستفزاز، وكان هذا شأنهم منذ التحصيل على التعويضات الخاصة في آذار - مارس - ١٩٥٦. وخصوصا منذ أن (حجزت) الجزائر إلى قائدي فرق المظلات (ماسو - و - بجارد). ولكن المفاجأة كانت عندما سئل عنه، من الغد والأيام التالية، في الإدارات الحكومية المدنية والعسكرية والشرطة والعدلية، فتبرأت كل إدارة من وجوده عندها أو من مسؤوليتها عن اعتقاله أو من العلم بمكانه. حتى وصل الأمر إلى الإدارة العليا بمقر الوزير المقيم والوالي العام، فتظاهرت بإنكار العلم، واستنكار (الفعل) ووعدت بالبحث. وقد بقيت المسألة كذلك إلى أن أرسل مراسل جريدة (لوموند) الباريسية بالجزائر، بخبر صغير، نشر في زاوية مهملة، يعلن فيه أن رجال المظلات، قد اعتقلوا الشيخ العربي التبسي، وهو عضو هام في جمعية العلماء، وأنه تحت أيديهم لأجل التحقيق والاستجواب. وكان