الاستعمار مستنده وحجته، فيبلغ كل أغراضه. ورأى رجال النهضة في ميزاب هذا الخطر الذي تستهدف له الجزائر، والنهضة التي هي روح الجزائر ورأس مالها الكبير، فهبوا جميعا لدرئه، وإفساد خطة المستعمرين. فكان الله معهم، فاستمالوا بعض رجال الحكم في فرنسا وفي الجزائر بالوسائل المغرية، والأساليب السياسية البارعة، وأروهم عاقبة إرغام الميزابيين على نائب لا يرتضونه. فأخذوا وعدا من الولاية العامة أن يكون الانتخاب حرا في ميزاب، فتمسك رجال النهضة بهذا الوعد، وأفادوا منه كل الإفادة، واستقدموا غداة يوم الانتجاب ٤ نيسان - إبريل - ١٩٤٨ مراقبين شرعيين يراقبون الانتخابات في ميزاب، وبعض الصحفيين الإفرنسيين. وبذلوا في ذلك المال الكثير. ونظموا صفوفهم، وخاضوا معركة الانتخاب للمجلس الجزائري في نشاط ويقظة ودهاء واتحاد ففازوا بما أرادوا.
رأى رجال النهضة وحزب الإصلاح أن المعارك بينهم وبين الاستعمار في المستقبل ستكون معارك ديبلوماسية خطيرة! إنها مسألة فصل الصحراء عن الشمال، وما يجب أن يفعلوه لتظل الصحراء جزءا من الشمال، فلا بد من نائب لهم في المجلس الجزائري، تتوافر له الكفاءة والقدرة من أجل إحباط المخططات الاستعمارية. ووقع اختيار الجميع على الشيخ بيوض. غير أن الشيخ رفض العرض، وأظهر تمسكه بميدان العلم الذي خلق له، وذاق حلاوة النجاح فيه. غير أن أهل ميزاب ورجال نهضتها ما زالوا به حتى أقنعوه بقبول المنصب، حتى لا تترك ثغرة ينفذ منها الاستعمار وأذنابه. ونزل الشيخ إلى ميدان الجهاد الجديد، وقاد