للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقدمة

تبقى (التجربة التاريخية) هي رائد الباحث والقارىء، كلاهما يجد فيها الفائدة والمتعة، ولقد عرفت الجزائر المجاهدة تجربة تاريخية فريدة تجسدت فيها كل سوءات الاستعمار الاستيطاني، وبرزت فيها كل أشكال النهب الاستعماري، واستخدمت فيها كل أنواع القهر الاستعماري ووسائله. ولقد كانت تجربة مريرة وقاسية، لا تشابهها أية تجربة من بين كل التجارب التي عاشتها الشعوب المقهورة في ليل الاستعمار. ويعود السبب في ذلك، وبالدرجة الأولى، إلى ما توافر للجزائر من الأصالة الثورية، إلى جانب ما انفرد به الاستعمار الفرنسي من الوحشية واللاإنسانية.

لقد رفضت الجزائر المجاهدة أبدا الخضوع لإرادة جلاديها ومغتصبيها وممتهنى كبرياءها، فكانت في حالة ثورية دائمة، لا تكاد نار لهيبها تخمد في منطقة حتى تتفجر في منطقة أخرى. ولا تكاد فترة تمر على إخماد الثورة حتى يعود اللهب وهو أشد احتداما، وأكثر ضراما. ومقابل هذا التمرد، كانت فرنسا الاستعمار تطور دائما أساليب قمعها الوحشية، فإذا كانت فظائع (بوجو) و (كلوزويل) قد مثلت عصر الوحشية في منتصف القرن

<<  <  ج: ص:  >  >>