للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هنا برزت قوة (الأصالة الذاتية) في أفق التحدي المصيري، وانطلقت حفنة من المفكرين العلماء، وخاضت الصراع بإيمان لا يتزعزع، وثقة بالله لا تضعف. وبدأت بعملية البناء المضاد، فأقامت المساجد، وأنشأت المدارس (فارتفع عددها بين ١٩٤٣ و١٩٥٤ من بضع عشرات إلى مئة وخمسين مدرسة. تعلم اللغة العربية وتدرس القرآن الكريم).

في ذلك يكتب الكاتب الجزائري (عمار أوزيغان) (*) فيقول: (كان الخطر المميت بالنسبة للاستعمار يكمن على وجه الدقة في هذا الاتحاد الغريب بين مفاهيم الإسلام المتعارضة - كالروحية والمادية - (والتي لم يتمكن الاستعماريون الصليبيون من فهمها). لقد كان الدين الإسلامي وثاقا يمتن اتحاد مختلف العناصر في القوة الشعبية التي تزخر بها بلادنا. غير أن العدو الاستعماري الذي كان يقيم في (الفيو - باليه) كان أكثر ذكاء حين كان يهدم الجوامع ويحولها إلى ثكنات أو اصطبلات! كانت هذه معابد تهدم ويتم الخلاص منها. إلا أن الجامع كان أيضا الجامعة، كما هي الزيتونة في تونس، والقرويين في (فاس) وكما هو الأزهر في القاهرة. فهدم جامع كان يعني هدم مدرسة ومكتبة وقاعة محاضرات وبيت للشعب وجمعية استشارة - أو دار للشورى - ومتحف موسقي يدرس فيه تجويد القرآن وهو فن يتطلب معرفة مسبقة بمقامات الموسيقى الكلاسيكية أو الشعبية - الأندلسية أو الشرقية ... إننا لن نشدد الكلام على الروح


(*) الجهاد الأفضل (عمار أوزيغان) ص ٢٩ - ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>