أن تتصدى الحركة الإصلاحية الإسلامية التي قادها الشيخ عبد الحميد بن باديس ومعه شيوخ رابطة العلماء لهذه الانحرافات، ويعلمون على هدم ما حاول الإفرنسيون بناءه على أنقاض التنظيمات الإسلامية الأصيلة، التي انحدرت إلى هوة سحيقة تحت ضربات الاستعمار المادية والمعنوية (١).
هنا يبرز سؤال: وهل كانت كل الحركات السياسية والدينية التي عرفتها الجزائر في ليل الاستعمار - حركات عملية أو مشبوهة؟.
يقينا لا! لقد عرف عالم الدول التي خضعت للاستعمار، كما عرفت الجزائر، حركات مخلصة وعرفت زعماء مخلصين، غير أن تلك الحركات وأولئك الزعماء قد بقيت، وبقوا، في حالة من القصور عن إدراك الأهداف البعيدة لأمتهم، وأنعزلوا، في كثير من الأحيان عن تيار التفاعلات العميقة في ضمائر أفراد الشعب. وأسهم التدمير المستمر لمعاول الاستعمار (المادية والمعنوية) في استنزاف قدراتهم أحيانا، وفي حرفهم في أحيان أخرى، وفي تدميرهم تدميرا تاما في معظم الأحيان.
من هنا تظهر ضرورة التعرض لتلك المرحلة التي سبقت اندلاع الثورة التحريرية الكبرى (١٩٥٤). والتي يمكن اعتبارها
(١) انظر العدد الثاني من هذه المجموعة (الجزائر المجاهدة في مجابهة الحملات الصليبية القديمة) وكذلك العدد السابع من هذه المجموعة أيضا (عبد الحميد بن باديس. وبناء قاعدة الثورة الجزائرية).