عن المغرب العربي - الإسلامي، بحربها الطويلة والفاشلة في الهند الصينية، وصراعاتها السياسية الداخلية، ومتاعبها الاقتصادية، وبأحداث الحرب الباردة على المسرح العالمي، ثم جاءت أحداث تونس والمغرب (مراكش) لتصرف أنظارها عما كانت تتمخض عنه الجزائر، وذلك بدلا من أن تفتح هذه الأحداث أبصارها على ما يمكن أن يحدث في الجزائر. وهكذا كانت فرنسا تسير مغمضة العينين إلى حيث يقودها المستوطنون في الجزائر ذاتها - وهم رمز غلاة الاستعماريين الذين تحجرت عقولهم وجمدت عند إحداث الفتح أو الغزو القديم للجزائر -. وانصرف هؤلاء المستوطنون إلى وضع الألغام تحت عجلات الدستور الجديد وقد عزوا الانتصار الكامل الذي حققته (حركة انتصار الحريات الديموقراطية) في الانتخابات البلدية التي جرت في تشرين الأول - أكتوبر - ١٩٤٧ إلى شعار الحركة (الحقيبة أو الكفن) - وهو المصير الذي كان يلوح به المتطرفون - بحسب وصف المستوطنين لهم - وذلك في صراع هؤلاء المتطرفين الجزائريين في صراعهم ضد المستوطنين. وأرغم المستنوطنون الحاكم العام المتحرر الفكر (الليبرالي) شاتينيو على الاستقالة، ليحل محله الحاكم العام الاشتراكي الجديد (مارسيل أدمون نيغلين) الذي برهن كأحد خلفائه (روبير لاكوست) بأنه يساري في فرنسا، ويميني استعماري متطرف في الجزائر.
وقد قام (نيغلين) على الفور بإجراءات صارمة لتحديد نشاط الوطنيين الجزائريين، ومنعهم من التعبير عنه في الجمعيات المنتخبة. وأقدم على إجراء عمليات تزوير واسعة لتزييف