الجزائر والتي وجدت لها تعبيرا في مقال كتبه (فرحات عباس) وجاء فيه: (... إنني لست مستعدا للموت في سبيل الوطن الجزائري، لأن هذا الوطن لا وجود له، إنني لم أكتشفه، ولقد سألت عنه التاريخ، سألت عنه الأحياء والأموات. وزرت المقابر من أجل اكتشافه، فلم أجد من كلمني عنه إطلاقا. إننا لا يجب أن نبني فوق الرمال. وإنني قد أبعدت بصفة باتة ونهائية كل خيال، لكي نربط المصير بصفة مطلقة مع الوجود الإفرنسي بهذه البلاد. إلخ ...)(*).
وكما تزوج (مصالي الحاج) من شيوعية إفرنسية، فقد تزوج (فرحات عباس) من إفرنسية ولكن غير شيوعية. وكما كان (للأمير شكيب أرسلان) تأثيره على (مصالي الحاج) لإيقاظه على أصالته الإسلامية العربية، فقد كان هنا لرابطة العلماء (عبد الحميد بن باديس - وأحمد توفيق المدني) دور أساسي في تحويل تفكير فرحات عباس وانتزاعه من بؤرة تفكيره الإفرنسي وثقافته الإفرنسية لإيقاظه على حقيقته كجزائري مسلم عربي.
ويصف أحمد توفيق المدني - مقابلته الأولى، لفرحات عباس، وهو لا يزال في بداية طريق العمل السياسي، فقال: (ذهبت لمقابلة - فرحات عباس - كان لا يزال في مقبل العمر، طويل القامة، أسمر اللون، يضع على رأسه غطاء من نوع - الكولباك - الروسي الأسود الرفيع، وقد جلس جلسة المعتز بنفسه، المعتمد على قوته، الشاعر بمسؤوليته. وبعد تحية بسيطة،