للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجزائري يستقبل هذا الشقاء، من أي جهة جاءه، بذات الدعاء: لنصبر، فهذا كله من عند الله. فلنصبر!! ولم يكن ذلك الصبر يعني الاستسلام الأبله، وإني في موقف يسمح لي بأن أعرف ذلك حق المعرفة، لقد كان هذا الصبر حيال ذلك الشقاء المقابل الوحيد الذي وجده الفلاح ضد اليأس. لقد كان هذا الفلاح يأمل دائما باستعادة حقله، يتملكه في ذلك حبه للأرض وحماسته لها. وكان يكافح الاستعمار بوسائله الخاصة، دونما سند ولا دعم ولا تدريب، وإذا كان يمزج كفاحه أحيانا ببعض العنف، فذلك لأن استخدام وسيلة العنف باتت عادة مستحكمة من عادات الاستعمار. ولم يكن هذا الفلاح، روتينيا جامدا، ذلك أنه بمجرد أن يتوفر له الحظ بالحصول على ملكية متوسطة، كان همه الأول أن يتكيف مع متطلبات الحضارة الفنية التي لم يكن باستطاعته أن ينكر قيمتها، فكان على غرار المستوطن الذي أصبح جاره يدخل في استثماره الزراعي الأساليب الحديثة (*).


(*) ولكنه بعكس المستوطنفين لم يكن ينتفع إلا بمساعدة هزيلة مضحكة فالمصارف الزراعية وبيوتات المال التابعة للمستوطنين، كانت تستولي على مجمل القروض الزراعية تقريبا. ونذكر مثالا واحدا بهذا الشأن في عام ١٩٥٣، كانت الجزائر تقدم سلفا قيمتها (٤٢) مليار فرنك للمصارف الزراعية. وكانت تخصص هذه المبالغ للمستوطنين وعددهم (٢١) ألفا من المستوطنين المزارعين. بينما تقدم مليارن فقط للجمعيات الزراعية الجزائرية التي تضم أكثر من مليون فلاح جزائري.

<<  <  ج: ص:  >  >>