للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نظام العقل والذكاء هو مدخل الحرية. وبأن تحالفا يقوم بين الشبيبة الجزائرية والأحرار الإفرنسيين يمكنه أن يؤدي تدريجيا إلى تحقيق الديموقراطية الحقيقية.

جاءت مسيرة الأحداث لتؤكد لنا أن الأمور ليست على مثل هذه الدرجة من البساطة، فالرأسمالية والاستعمار مرتبطان برباط واحد لا يمكن فصله - أو حله. كانت الرأسمالية تعمل في باريس، وكان الاستعمار يعمل في الجزائر. ولم يكن بالمستطاع التعرض بالهجوم على أحدهما دون مهاجمة الآخر. على عكس ما تصورت بادىء ذي بدء. فإن وجود (بروليتاريا) ثورية واحدة، ووجود أحرار في فرنسا لم يكن ليغير شيئا في المعطيات الرئيسية للمشكلة الاستعمارية. إذ بقيت هذه المشكلة بالرغم من كل الدعايات، مشروعا عنصريا للسيطرة والاستغلال.

عندما ولدت كان تجريد الجزائريين من ممتلكاتهم قد تحول إلى حقيقة واقعة. وكان النظام الاستعماري مهيمنا على الجزائر. وكان الجزائريون يعيشون في فقر يصعب وصفه. وهم يجاولون تضميد جراحهم والإفلات من قبضة الفناء المادي والانحلال المعنوي، وكان الفلاحون يتشبثون بالأرض بشكل يائس، ويئنون تحت عبء البؤس والاضطهاد، ويشاهدون وهم عاجزون، عالما بأكمله، يتألم ويموت، وهذا العالم هو عالمهم. وقد خلف السلم دون عدل، ألما كبيرا، لوجود دون سعادة. وحيال عدم الثقة بالغد، كان الأبناء يخلفون الآباء بنسبة عالية من الولادات والوفيات، كان الشقاء يقرع الأبواب غالبا، وكان الفلاح

<<  <  ج: ص:  >  >>