للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جميعهم في البدء أشرارا، ولكنه النظام الاستعماري الذي تطبقه البورجوازية الإفرنسية هو الذي جعلهم على ما هم عليه الآن. وليس من استعمار في العالم يعادل في ظلمه الاستعمار الإفرنسي في الجزائر. إذ لم يخطر في بال أي نظام استعماري أن يفني الشعب المغلوب بمثل الصفاقة والوحشية التي جرى عليها الاستعمار الإفرنسي، ولما لم يتمكن من تحقيق هذا الهدف، رأى أنه من المهارة وضع الشعب الجزائري في السجن بواسطة صيغ قانونية كاذبة خادعة - وعلى سبيل المثال - فعندما يعلن الجزائري أنه عربي، يجيبه المشرعون الإفرنسيون (كلا إنك إفرنسي) وعندما يطالب بحقوق الإفرنسيين يجيبه المشرعون أنفسهم: (كلا إنك عربي). لذلك كان على الجزائريين استنكار مثل هذا النظام، وكان عليهم أن يدافعوا عن أنفسهم ليعلنوا موقفهم، وهم في الواقع لم ينقطعوا أبدا عن الاحتجاج والدفاع، وكان ذلك في الدرجة الأولى أمام الديموقراطيين الإفرنسيين أنفسهم. وهذا هو السبب الذي من أجله أصر جيلنا والأجيال التي سبقته على اللجوء إلى فرنسا الجمهورية والحرة ضد فرنسا الاستعمارية الطاغية. وكانت هذه الأجيال تعتقد بأنه يكفي أن توضح لفرنسا الأولى التناقضات التي كانت سببا في شقاء الشعب الجزائري حتى تضع حدا لها. وإذا كان جيلنا قد رفض مبدأ (العنصر المتفوق) و (العنصر المتدني) على أنه مبدأ خاطىء ومشين. فقد تبنى مع ذلك مبدأ العنصر الأستاذ والعنصر التلميذ، إذا اعتقد بتقدم القوانين وتطورها. وبأن الجزائر الجديدة ستولد عن طريق المدرسة والخبرة الفنية الحديثة. وبأن

<<  <  ج: ص:  >  >>