ولم تكن في الجزائر، آنذاك منظمة أخرى من هذا الوزن، إلا منظمة حزب الشعب الجزائري، سليل حزب (نجم شمال أفريقيا) الذي يرجع تأسيسه إلى سنة ١٩٢٤. ولكن هذا الحزب كان منحلا إداريا، مطاردا بوليسيا، غير معترف به قانونيا، تتعقبه السلطات الاستعمارية بالقمع والتهديد والوعيد. وكانت الكثرة الكثيرة من أعضائه في غياهب السجون، ومن هنا لازم السرية، واتخذ له العمل في الخفاء والظلام سياسة مخططة، وهذا من حملة ما أعطاه ثقة. الجماهير، وألبسه شيئا غير قليل من القوة في العمل، والبأس في المبادرة، والتضحية في تحمل المسؤولية وأفكار الذات في القيام بأعباء الرسالة القومية التحريرية الوطنية) ومن أعماله الجريئة، اتصاله بممثلي الحلفاء: روسيا، وأمريكا، وإنكلترا، بمجرد نزول الحلفاء في الجزائر يوم ٨ تشرين الثاني - نوفمبر - ١٩٤٢. بل والأصح أن الاتصال بهؤلاء تم قبل نزول الحلفاء في بلادنا - الجزائرية - بعدة أشهر. ومذكرة (حزب الشعب الجزائري) لممثلي الحلفاء هي التي أصبحت في العاشر من شهر شباط - فبراير - ١٩٤٣، وبعد تحوير وحذف وبتر، تدعى (بيان للشعب الجزائري) الذي قدم بدوره في ٣١ آذار - مارس - من نفس السنة إلى (الجنرال كاترو) االحاكم العام الإفرنسي في الجزائر، والجلاد المعروف في سوريا ببطشه وجبروته وتعطشه للدماء، وممثل لجنة التحرير الإفرنسية التي كان يتزعمها الجنرال ديغول عامئذ.
جاء إنزال الحلفاء في الجزائر ليقطع الروابط بينها وبين فرنسا. فكان هذا حافزا، يضاف إلى حافز هزيمة فرنسا أمام