للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما يقع تحت أيديهم ... ثم هم بعد ذلك يقتلون ويحرقون ... ولقد استعانت القوات العسكرية بالوحدات البحرية، فجاء الطراد (ديجي تروان) (*) الذي أبحر من مدينة عنابة، وقد ألحق هذا الطراد بضواحي مدينة خراطة خسائر لا تقدر ... ولقد حدا الأمر بالأوروبيين، من مدنيين وعسكريين، إلى أن يطلقوا نيران بنادقهم بمجرد أن يروا برنوسا - الرداء الوطني المغربي - وزيادة على هذا، كانت الطائرات تلقي قذائفها، وتمطر الأهلين بوابل رشاشاتها ... وقد وصلت المأساة ذروتها في مدينة (قالمة) وضواحيها حيث بلغ الجنون الجماعي حده هناك. وكانت موجة الانتقام من المسلمين، والبغض العنصري قد هيمنا على كل الأوساط الإفرنسية، إلى حد أن أعمال القمع لم تقتصر على الفرقة الأجنبية فحسب، بل وحتى أنصار فرنسا المكافحة والشيوعيين أيضا ... وقامت الإدارة الإفرنسية بحل المنظمات السياسية وغير السياسية، وإغلاق المدارس التعليمية الحرة للمسلمين، والأندية الأدبية والرياضية. وعطلت الصحافة التي كانت تصدر باللغة العربية، وأعلنت حالة الطوارىء، وطبقت القوانين الاستثنائية العرفية في كامل البلاد. وأطلقت يد الشرطة - البوليس - فراح رجال هذه المنظمة يمارسون عملهم بأساليب وحشية بربرية لترويع الأبرياء. وإنزال الفجائع بالعائلات صباح مساء. وتفتيش الدور والمخازن والمتاجر، ونهب كل ما تقع عليه الأيدي ولا سيما الجواهر والحلي والزرابي والأموال، مع إلقاء


(*) الطراد ديجي - تروان: (Duguay Trouin).

<<  <  ج: ص:  >  >>