ابتسمت له بعد تجهم، وأنه بات يستطيع التمتع بالحياة بعد بؤس وشقاء. غير أن طبيعة عمله جعلته باحتكاك دائم مع مواطنيه، فكان من المحال عليه الانفصال عن آلام مواطنيه، أو الابتعاد عن معاناتهم. وجاء عيد المولد النبوي الشريف من سنة ١٩٥١ واستنارت منارات ما بقي من مساجد الإسلام في الجزائر احتفالا بهذه المناسة العظيمة. واجتمع في فناء (مسجد شممرا) الكبير أكثر من خمسمائة مجاهد، كان بينهم مصطفى ابن بولعيد، ورابح بيطاط والأخضر بن طوبال، ثم انقطع (مصطفى بن بولعيد) عن عمله، ولم يعد يراه أحد تقريبا. غير أن قدامى المجاهدين يذكرون أنه نظم اجتماعا كبيرا مماثلا، ضم المجاهدين من مختلف الطبقات، فيهم من عانى أشد أنواع البؤس والفقر وفيهم من عرف بعضا من الثراء واليسر، فيهم ابن المدينة، وفيهم ابن القرية الذي لم يعرف المدينة. واختار النخبة منهم، ووجههم للتدريب العسكري، فيما نظم البقية في خلايا سرايا كلفها بأعمال مختلفة. وكان (مصطفى بن بولعيد) خلال ذلك يتابع اتصالاته السرية، وينظم قواعد الثورة في الاوراس ويتابع تنسيق العمل مع اخوانه في (اللجنة الثورية للوحدة والعمل) حتى إذا ما أزف موعد الثورة، ذهب مودعا لمسقط رأسه (أريس)، وودع فيها ذكريات عمره، ونظر إلى أولاده النظرة الأخيرة، وهجر شركه النقل التي طالما أودع فيها كل آماله، ومضى مخلفا وراءه منزله ومكاتب شركته وما تضمه الشركة من مركبات واليات، لم يلبث أن قدمها مع كل ثروته للثورة. ووقف (مصطفى بن بولعيد)، مع الثوار وهم يطلقون