الجزائر - العاصمة - على سبيل المثال، فيظهر بأن عدد سكانها في سنة ١٨٨٦ لم يكن يتجاوز (٦٥) ألف نسمة منهم (٥٢) ألف أوروبي والباقون جزائريون. وفي سنة ١٩٠٦، ارتفع عدد سكان مدينة الجزائر إلى (١٧٤) ألفا، منهم (١٣٤) ألف أوروبي، ثم وصل هذا العدد في سنة ١٩٥٤ إلى (٥٧٠) ألفا منهم (١٧٢) ألف أوروبي، ثم إلى المليون بعد الاستقلال، منهم أقل من (٥٠) ألف أوروبي. ولعل تأثير هجرة الجزائريين إلى المدن الرئيسية في بلادهم من الأمور المثيرة.
وعلى الرغم من أن عدد الجزائريين كان متفوقا دائما على الأوروبيين في مدينة قسنطينة، إلا أن هذا التفوق لم يكن يتجاوز الستة آلاف في عام ١٨٨٦، بينما بلغ في عام ١٩٥٤ - اثنين وستين ألفا- وفي عنابة، المدينة الرئيسية الثانية في شرق الجزائر وذات الميناء الهام، كان عدد الأوروبيين متفوقا على الجزائريين حتى عام ١٩٤٨ فقط، ثم تفوق عدد المسلمين الجزائريين. وبقيت وهران هي المدينة الوحيدة التي كان الأوروبيون يتفوقون في عددهم فيها على المسلمين، وإن كان عدد هؤلاء قد ارتفع بنسبة عالية خلال المرحلة التي سبقت الثورة. وهكذا كان عدد الأوروبيين متفوقا على عدد المسلمين في ثلاث أو أربع من المدن الرئيسية في الجزائر عام ١٨٨٦. ولكن هذا الوضع انعكس تماما في عام ١٩٥٤. ولم يحتفظ الأوروبيون بتفوقهم العددي إلا في مدينة وهران فقط. ولقد كان لهذه الظاهرة أهميتها الكبرى خلال مرحلة الصراع الحاسمة، وخلال المحاولات التي لجأت إليها فرنسا لتقسيم الجزائر- على نحو ما تم في فلسطين-.
وتبقى الظاهرة الأكثر أهمية في التركيب السكاني - الديموغرافي -