المسلمين الجزائريين اقتحام هذا المجال، غير أنهم صدموا بمقاومة الإدارة الإفرنسية من جهة ومقاومة الوسطاء (اليهود والإفرنسيين) من
جهة ثانية. وكانت مقاومة الإدارة الإفرنسية عن طريق رفض العملات - القطع النادر- التي طلبها المسلمون لاستيراد البضائع الأجنبية. وبالإضافة إلى ذلك، فقد كانت عملية التصدير والاستيراد تتطلب رؤوس أموال ضخمة، وكانت المصارف - البنوك - في قبضة الإفرنسيين.
وهذا ما كان يمنع المسلمين من ممارسة الأعمال التجارية الخارجية - إلا إذا وقعوا في قبضة الرأسماليين من اليهود والافرنسيين، وبما أن عدد الأوروبيين بقي يتزايد بصورة مستمرة، فقد أخد عدد من هؤلاء أيضا يمارس تجارة التجزئة (المفرق). وباتوا وهم يملكون أجل الحوانيت في المدن والقرى الجزائرية الصغيرة، وبات أكبر تاجر جزائري لا تتعدى إمكانياته المادية ورخصة عمله الحكومية فتح دكان لبيع المواد التجارية بالجملة أو المفرق. وبقيت القروض ورخص الاستيراد والتصدير مرفوضة للصناع والتجار المسلمين من الجزائريين الذين لا يبرهنون على ولائهم للاستعمار، وهي ممنوحة لأولئك الذين يخنعون للذل والعبودية.
وبموجب سياسة الاستغلال هذه، يتوجب على الجزائري الذي يرغب في فتح دكان أو مطعم أو مقهى أن يسير حسب تعاليم الشرطة الإفرنسية - البولس - الذي يعد المرجع الأول والأخير لدى الإدارة الاستعمارية التي تمنح الرخص الرسمية. فإذا ما تبين أن المتقدم بطلب الرخصة يتمتع بآراء وطنية، أو ظهرت آراؤه هذه بعد أن يكون قد حصل على الرخصة، فسرعان ما تسحب الرخصة ويغلق محله،