للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(القسطنطينية) يمارس عمله قائدا أعلى للأسطول الإسلامي العثماني، غافلا أو متغافلا، عما يدبره أعداء المسلمين. وقد تابع المراحل المختلفة التي أعد فيها (شارلكان) حملته. وقد اقترح منذ شهر حزيران (يونيو) ١٥٤١ تجهيز أسطول حربي من مائة سفينة، يتم إرسال خمسين سفينة منها إلى مياه الجزائر لاعتراض الأسطول الإسباني. في حين يتم إرسال خمسين سفينة أخرى لاعتراض هذا الأسطول وهو في عرض البحر - غير أن المسؤولين في الديوان - الوزارة - لم يوافقوا على الاقتراح بحجة أن الجهد الحربي الذي تتطلبه الدولة في صراعها مع الغرب يتطلب المحافظة على الكتلة الرئيسية للقوات البحرية في مياه شرقي المتوسط. غير أنه تقرر إرسال دعم عاجل بمجرد التأكد من تحرك (شارلكان) إلى الجزائر. بحيث يقف الأسطول الإسباني عندها محاصرا بين القوات الجزائرية برا، والأسطول العثماني بحرا. وهكذا فما كادت أخبار الحملة الإسبانية على الجزائر تصل إلى الديوان حتى جهز (خير الدين) أسطرلا قويا، وتولى قيادته بنفسه وهو ييمم شطر مياه الجزائر. غير أن معركة الجزائر لم تستمر أكثر من (١٢) يوما - من الأحد ٢٣ تشرين الأول - أكتوبر - وحتى يوم الخميس ٣ تشرين الثاني - نوفمبر - ١٥٤١.

وعندما وصل (خير الدين) كانت المعركة قد انتهت بالانتصار الحاسم للقوات الجزائرية. وتوقف (خير الدين) فترة قصيرة، اطلع فيها على تطورات الموقف، وشارك شعب الجزائر فرحة انتصاره. ثم انطلق بأسطوله نحو المياه الأندلسية والمياه الإيطالية، متنقلا ما بين مدنها الساحلية، موجها الإغارات للتوغل داخل الأقاليم حيث كان المجاهدون يندفعون بحماسة فيقتلون ويأسرون ويغنمون، وهم في ذلك كله ينتقمون لما حل بالمسلمين في تونس ووهران وتلمسان.

<<  <  ج: ص:  >  >>