الجزائر، وعلى نطاق واسع، أدب استعماري هدفه تمجيد فرنسا وعظمتها وتفوقها وما تقيمه من مشاريع في الجزائر (لتحضيرها وتمدينها وإخراجها من الظلمات الى النور). واذا ما تمت العودة الى ما تم طرحه باسم (التقاليد الثقافية الإفرنسية) فسيظهر أن فرنسا قد خلقت خرافة باسم (البعثات الثقافية الاستعمارية). غير أن تجربة أكثر من قرن قد برهنت على أن الوجود الاستعماري في الجزائر كان سببا في تقهقر الجزائر تعليميا وثقافيا، وتوقفها عن كل تطوير طبيعي للثقافة الجزائرية الأصيلة. ولم يكن حملة لواء تلك (البعثات الثقافية الاستعمارية) في الواقع سوى نفر من المهاجرين المضطربين فكريا، والفقراء عقليا، والمفلسين ماديا. جاءوا من وراء البحار يدفعهم حب المغامرة والرغبة في جمع المال، فكان همهم الوحيد وهم يهبطون أرضا تم إخضاعهم حديثا بقوة السلاح، أن يعيشوا بيسر وسهولة، وأن يجمعوا بسرعة ثروة كافية. ولقد وجد هذا النفر نفسه حيال الشعب الجزائري المتقدم في ظل الحضارة العربية والثقافة الإسلامية. وهو بالتالي لم يكن شعبا جاهلا أو بربريا كما أرادت تصويره روايات (الأدب الاستعماري) والذي يعتمد على مجموعة من الأساطير القديمة والمرتبطة في تاريخها بأيام الحروب الصليبية القديمة وأحداثها.
كان يوجد في الجزائر قبل احتلال فرنسا سنة ١٨٣٠، جمعية ثقافية إسلامية كبرى، إلى جانب جمعيات صغرى كثيرة. فكان التعليم منتشرا حتى في أقصى المناطق النائية، وفي أصغر القرى - والدواوير - فكان المرء يرى المدارس الكثيرة التي تضم الشبيبة الناشطة. كما كانت الجامعات منتشرة في كافة أصقاع العالم الإسلامي - العربي. وقد سجل (الجنرال هوتبول) في مذكرة بعث بها سنة ١٨٥٠ الى رئيس