(الإيمان المطلق) ولولا ما يفرضه هذا الإيمان من فضائل كثيرة: كالوفاء والإخلاص وإنكار الذات والاستعداد الدائم للتضحية والصدق والشجاعة بكل أشكالها.
وكانت حروب (خير الدين) نوعا من (حروب الإيمان) في البر والبحر، وهو ما أكدته سيرة القائد الخالد، وهو ما تبرزه القصة التالية:
(عندما توفي عروج، وأسندت إلى خير الدين القيادة، استدعى رجاله ليتهيأوا للحرب ضد الإسبان الصليبيين، وبينما هو يعمل من أجل إخراج هذه الفكرة من حيز القول إلى حيز العمل، إذ جاءه رسول من ملك إسبانيا (شارلكان) يأمره بالتخل عن الجزائر لأنها كانت تحت تصرف الإسبان، ويستطيع الإسبانيون أن يخرجوها من أيدي العثمانيين وخير ملك إسبانيا (خير الدين) بين أمرين: أولهما أن يسلمها دون قتال، وثانيهما أن يستعد للقتال. وذكر له بأنه يجب ألا ينسى أن الإسبان لم تخذلوا في معركة، وأنهم قتلوا أخويه إلياس وعروج، وإن تمادى فيما هو عليه وركب رأسه فإن عاقبته ستكون كعاقبة أخويه. فأجاب خير الدين:((سترى غدا، وإن غدا ليس ببعيد، أن جنودك ستتطاير أشلاؤهم، وإن مراكبك ستغرق، وإن قوادك سيرجعون إليك مكللين بعار الهزيمة).
عند ذلك طاش عقل الملك من هذا الجواب الحاسم، وطار لبه، وجهز كل ما عنده من قوة وحضر إلى الجزائر، وخرج له خير الدين ومعه حزم وعزم، وتلا على جميع قواده وجنوده قوله تعالى {إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم}. وتقدم للميدان ومعه رجاله، وقال لهم: (إن المسلمين في المشرق والمغرب يدعون لكم بالتوفيق، لأن