انتصاركم انتصار لهم، وإن سحقكم لهؤلاء الجنود الصليبيين سيرفع من شأن المسلمين وشأن الإسلام). فصاحوا كلهم (الله أكبر) وهاجموا الإسبان فأبادوهم عن آخرهم) (١).
إن هذه الصورة لا تختلف أبدا، لا في شكلها ولا في مضمونها عن صور أولئك القادة المجاهدين في سبيل الله، والذين خرجوا من جزيرتهم فحملوا إلى الدنيا رسالة الإسلام. غير أن الموقف العام لم يكن في عهد (خير الدين) مشابها لما كان عليه أيام الفتح، فقد أخذ الضعف طريقه إلى قلوب المسلمين وأنظمتهم، فقد كانوا من قبل تحت قيادة واحدة لا تسمح لأعداء الداخل بالظهور أو بممارسة دورهم في التأثير على التيار العام. في حين أصبح لهؤلاء دورهم في توجيه الأحداث وكان أخطر ما في الأمر أن هؤلاء كانوا يحتلون مراكز قيادية تسمح لهم بممارسة دور خطير ضد مواطنيهم وإخوانهم في الدين.
والواضح أن قضية (أعداء الداخل) هي من أخطر القضايا التي جابهت المسلمين في عصر التحول من الهجوم الشامل إلى الدفاع الشامل، وهي الظاهرة التي سبق لها أن برزت أيام الحروب الصليبية في المشرق، ثم تكرر حدوثها في الأندلس الإسلامية، وجاءت لتبرز من جديد على مسرح أحداث المغرب العربي - الإسلامي، فكانت في طليعة العقبات التي اصطدم بها (خير الدين) والتي أمكن له معالجتها بحزم أحيانا، وباللين والإغراء في أحيان أخرى، وفقا لما كان يتطلبه الموقف.
وقد كان القضاء على أعداء الداخل هو المرحلة الأساسية
(١) تاريخ الجزائر - الأستاذ مجاهد مسعود - الجزء الأول ص ٨١ - ٨٢.