للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأخذت تزعم أنها قتلت عشرات ومئات الثوار، بينما كانت البلاغات الافرنسية تكاد تخلو من ذكر القتلى الافرنسيين.

غير أن هذا الأسلوب من الكذب والخداع، لا يلبث أن يكشف ذاته بسرعة، ليفضح الأساليب التضليلية. وقد ظهر ذلك واضحا في عملية حدثت في بداية شهر كانون الأول - ديسمبر - ١٩٥٤. ففي هذا التاريخ كانت قوة فرنسية تضم (١٥٠) جنديا تقوم بعملية (التطهير) في الأوراس. وقد أوغلت هذه القوة في تقدمها حتى وصلت الى منطقة مكشوفة، وكانت إحدى المجموعات الجزائرية العاملة في هذه المنطقة تتابع تحركات القوة الافرنسية عن كثب، وتحكم الخناق عليها، حتى إذا ما وصلت الى المنطقة المكشوفة، انقضت عليها بالنيران والالتحام، وأبادتها إبادة تامة. وفي الغد، جاء تصريح القيادة الافرنسية بالصيغة التالية: (بينما كانت إحدى فرقنا تقوم بعملية تطهير في الأوراس، هاجمتها عصابة مسلحة من - الخارجين على القانون - وتمكنت قواتنا من قتل (٤٩) ثائرا، أما خسائرنا فلم تتجاوز قتل جندي واحد وإصابة آخر بجراح).

قامت قوات فرنسية كبيرة بعمليات حصار وتفتيش في بلاد القبائل، يوم ١٤ كانون الأول - ديسمبر - ١٩٥٤، وكان هدفها الأول هو إرهاب المواطنين، لا سيما بعد ظهور قوات الثورة الجزائرية في هذه المنطقة. وقد تلتها في ٣٠ كانون الأول - ديسمبر - حملة أخرى تضم (٤) آلاف جندي للبحث عن الجماعات المسلحة، ولم تصادف هاتان الحملتان أحدا من رجال جيش التحرير، الذين كانوا كعادتهم يراقبون تحركات العدو، وينتظرون انسلاخ قوات صغيرة عن القوات الكبيرة ليهاجموها. غير أن الافرنسيين كانوا شديدي الحذر، فلم

<<  <  ج: ص:  >  >>