ويظهر ذلك أن طريق الثورة لم يكن ممهدا، فقد كانت هناك عقبات كثيرة - داخلية وخارجية - تعترض مسيرة الثوار الذين مضوا بعزيمة لا تفتر، وإرادة لا تلين على تذليل تلك العقبات، واحدة بعد أخرى، حتى استقام درب الثورة، وتلاحم الشعب مع ثورته.
كانت المشكلة الأولى بالنسبة للثورة خلال مرحلة انطلاقها، هي: مشكلة التنظيم والتجهيز، فبعد الهجمات الأولى، أقام جيش التحرير قواعده في الكهوف والمغاور الجبلية في قبيلة والأوراس وشمال قسنطينة، وهي أماكن رائعة ممتازة، تصلح لحرب العصابات، وركز الافرنسيون هجومهم المضاد في الأوراس، حيث استخدموا الطائرات والدبابات، وعملوا على عزل جيش الثورة عن المواطنين بواسطة (تجميع القرى الموالية لهم) و (إبادة القرى الأخرى التي يشكون بولائها لهم). وكان يتولى قيادة جيش التحرير في الأوراس قائدان ممتازان هما مصطفى بن بولعيد وبشير شيحاني، وكانت المنطقة التي يعملان فيها جبلية وعرة المسالك تقيم فيها عدة قبائل من البربر، أدى اختلافها العنيف في ولائها للأجانب، أو معارضتها لهم الى جعل الجهود المشترك أمرا صعبا للغاية. وبعد استشهاد عدد من القادة العسكريين المحليين على التعاقب، وخلال فترة قصيرة، لم يعد من السهل على قائد واحد أن يتولى السلطة الكاملة (وقد استمر ذلك حتى سنة ١٩٥٧). ولكن على الرغم من ضعف التنسيق الداخلي، في هذه المنطقة، فقد ظل عدد أفراد جيش التحرير في ارتفاع مستمر.
أما المجاهدون في منطقة قبيلة، فقد نموا بصورة أكثر تدرجا وبطئا. وكانوا تحت إشراف قادة أكفاء أيضا، من أمثال: كريم بلقاسم ورمضان عبانة وعمارنة وناصر. وركز المجاهدون جهدهم، بعد