الهجمات الاولى، على إزالة الخونة، وهي مهمة استغرقت منهم تسعة أشهر على أقل تقدير. أما في شمال قسنطينة، فقد تمكن يوسف زيروت - وهو من القادة الأكفاء بدوره - من تنظيم الحدود الجزائرية - التونسية بنجاح، وسرعان ما حقق الاتصال مع البعثة الخارجية لتأمين الأسلحة للثورة. ولم يتأثر الثائرون في الولايات الثلاث تأثرا خطيرا من حل (حركة انتصار الحريات الديموقراطية) ومن اعتقال عدد كبير من القادة الوطنيين. ذلك أن عمليات الانتقام العمياء التي مارستها القوات الافرنسية، وإبادة القرى، قد أسهمت في توسيع صفوف الثورة، وتطوير جيوشها. وبذلك تكون فرنسا قد خدمت قضية الثورة على غير إرادة منها، وخلافا لما كانت تريده.
كانت المشكلة الحادة الثانية، هي مشكلة الحصول على السلاح ووسائط القتال. فقد وجدت الثورة نفسها وهي تجابه القوات الافرنسية المتفوقة، وليس لديها إلا القليل من السلاح، الأمر الذي كثيرا ما دفع الثائرين الى اقتحام المخاطر، ومهاجمة المواقع العسكرية الافرنسية، للحصول على السلاح فقط. وكثيرا ما كانت مثل هذه العمليات ترتدي طابع المغامرة الخطرة وغير المأمونة. وهكذا، لم تمض أكثر من أشهر ثلاثة على بداية الثورة، حتى أصبح مجاهدو الأوراس بدون عتاد تقريبا, فمضى العقيد مصطفى بن بولعيد في مهمة للحصول على بعض العتاد، عندما اعتقل على الحدود الليبية. وأدت مشكلة النقص في الذخائر والاعتدة الى ظهور بعض الخلافات - وحتى الحزازات. بين المجاهدين فوق أرض المعركة من جهة، وبين رفاقهم من أعضاء البعثة الخارجية (وزال هذا السخط بصورة طبيعة في سنة ١٩٥٧ عندما تمكن القادة في الخارج من شحن كميات ضخمة من