للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآخر، إلى أن وصل الجميع، وبينهم اثنان أصيبا بجراح غير خطرة. وأثار النجاح الذي حققته زمر التنفيذ موجة من الفرح الغامر الذي شمل الجميع. ولكن (لغرور) تخلف عن اللحاق بنقطة التجمع، وأخذت حماسة المجاهدين بالفتور، فقرروا الانتقال من مركزهم. وفي النهاية، وصل (لغرور) مع الخيوط الأولى للفجر، وابتسامة السعادة تغمر وجهه. كانت فرحة الجميع لا توصف، وفخرهم لاشتراكهم بتفجير الثورة لا يضاهيه فخر ولا ينافسه زهو واعتزاز. وانطلق الجميع بعد ذلك وهم يخترقون غابات الأوراس، للبدء بمرحلة جديدة من التنظيم والعمل.

صادف المجاهدون، أول ما صادفوه في طريقهم، رجلا يحتطب في الغابة، وهو يغني، واقترب منه الرجال المقاتلون، وبادروه بقوله: (السلام عليكم) وأجابهم (وعليكم السلام). وخاطبه أحد المجاهدين بقوله: (لن يزعجك الإفرنسيون بعد اليوم). وسألهم الحطاب ببساطة: (ولكن من أنتم؟) وجاءته الإجابة: (نحن محررو البلاد). فقال لهم الحطاب مستغربا: (إنني لا افهم شيئا، وماذا تعني كلمة محرري البلاد؟ إنكم جزائريون، وزيادة على ذلك فأنتم تحملون السلاح!) وجاءته مرة أخرى الإجابة: (نحن مجاهدون. نقاتل حتى يصبح بإمكانك العيش حياة أفضل) وعاد الحطاب للتساؤل: (وكيف تكون الحياة الأفضل؟) عند ذلك راح أحد المجاهدين يشرح للحطاب الفلاح - ولآلاف الفلاحين من بعد ذلك - الأسباب التي دفعت المجاهدين لحمل السلاح، وأهدافهم من ذلك، وما يطمحون لتحقيقه. وأشرق وجه الفلاح بسعادة غامرة، فدعا المجاهدين

<<  <  ج: ص:  >  >>