المركز. وأثناء ذلك كان (بن عباس) يتابع مع الشرطي المناوب، فقال له: إن جيش التحرير الوطني قد بدأ منذ هذه اللحظة بخوض صراع مسلح هدفه تحرير البلاد. وليست العمليات هنا معزولة أو مستقلة عن العمليات الأخرى. فالجزائر كلها تشهد في هذه اللحظة عمليات مماثلة. ثم أصدر (بن عباس) أمره إلى رجاله بوضع الشرطي في زنزانة السجن.
ومضت عشر دقائق قبل أن يظهر رجلان من الشرطة ما أن دخلا المركز حتى قال أحدهما: ماذا يجري؟ لقد ترددت أصوات إطلاق الرصاص في المدينة التي أصبحت مظلمة بسبب انقطاع التيار، فماذا يحدث؟ وعندها وجه (بن عباس) ضوء مصباحه اليدوي، فبهر عيون الشرطيين، وقال لهما بلهجته الحازمة: تقدما وارفعا أيديكما عاليا. لا تتحركا أبدا، وسلما سلاحكما! ... وأصيب الشرطيان بذهول المباغتة، غير أنهما ترددا لحظة قصيرة في إطاعة الأمر. وعندها قفز (أوغاد) فصرع الأول بضربة من عقب بندقيته، وطعن الثاني بضربة مدية.
لقد كان (صلاح أوغاد) رياضيا هاويا، مصارعا، ومحبا لقراءة الروايات الرومانسية، والكتب البوليسية، مغامرا ومندفعا حتى التهور عندما يكون الأمر متعلقا بمقاومة الافرنسيين. لقد نشأ يتيما، واحتمل منذ نعومة أظافره مسؤولية إطعام عائلته وتأمين متطلباتها الحياتية. غير أن ذلك لم يمنعه من متابعة دراسته، فكان يعمل في الليل لتشغيل أجهزة عرض الأفلام في دور الصور المتحركة - السينما - ويتابع تعلمه في النهار، وكان يقوم بدعوة إخوانه ورفاقه الى السينما في كل مناسبة يتم فيها عرض فيلم ثوري