مدعمة بخمسة وستين رجلا من الجزائريين (القوم)(١) في مشتى تيجين. وبدأت من هناك عملياتها القمعية. وكان ذلك بداية الهيجان. فقد كان المواطنون جميعهم يعارضون إقامة هذه القوة بينهم. وانضم عدد كبير من الأفراد إلى قوات المقاومة السرية - الماكي - وأصبحوا في تعريف السلطة الافرنسية (خارجين على القانون).
لقد كانت فترة مناسبة لعمل أعضاء التنظيم السري الذين كانوا قد أفلتوا من الاعتقال في كل مدن الجزائر. وأخذوا في العمل في وسط الفلاحين، وشرعوا في تنظيم الخلايا المستقلة. وكان أفراد هذه الخلايا يحملون تطلعات جديدة تتوافق مع طبيعتهم الفروسية وأفكارهم الاستقلالية. وعلى الرغم من أن معطم هؤلاء كانوا من الأميين، إلا أن العناصر الوطنية التي لم يتعبها الجهاد، نجحت في صهرهم وتكوين نظرياتهم وأفكارهم بمفاهيم اجتماعية تملأ عليهم ما كانوا يعانونه من قصور المعرفة، وتستجيب لطموحهم في الاستقلال والحرية.
هكذا! ومن خلال حب الوطن، ولدت هنا خلايا سرية كثيرة، لا يعرف بعضها بعضا، وأصبحت هذه الخلايا العاملة بصمت، والملتزمة بقواعد الانضباط الصارم، وهي تغطي صفحة الأوراس بكاملها. وكان الفلاحون يتلقون خلال فترة الإعداد
(١) القوم GOUME) كان الافرنسيون يقصدون بها عرب افريقيا. وكان للكلمة معناها الخاص في الجزائر؛ حيث كانت وحدة (القوم) وهي الوحدة العسكرية الجزائرية التي تعمل - غالبا - تحت قيادة قائد افرنسي، بمهمة أساسية هي الاستطلاع وجمع المعلومات وتوجيه القوات الرئيسية (الرائدة).