بخطوات سريعة وثابتة، إنها أشباح سكان الجبال (أو الجبليون) الذين اعتادوا على السير الطويل فوق الصخور، وفي الغياض الشائكة. لقد قدموا من كل مكان، من المدن والقرى، من الاوراس ومن مناطق بعيدة عنها. كانت تلك المنطقة هي منطقة قبيلة (توبيس) الشهيرة ببأسها، والمنتشرة على حدود: اشمول وحجاج وأريس. أما (البوسليمانيون) المشهورون بإبائهم وشحمهم فكانوا على حدود- أريس - (وقد عرف عنهم حبهم الشديد لتربية الصقور). ويبقى (الغسيريون العنيدون) هم حراس أبواب الجنوب، وسيكون من نصيبهم الفخر لقيامهم بنصب أول كمين في مضيق - نفق - تيجان أمين - على بعد ثمانية عشر كيلو مترا الى الجنوب، وذلك في صبيحة اليوم الأول من تشرين الثاني (نوفمبر) ١٩٥٤.
وكانت هناك أيضا قبائل أبناء العمومة من (الأشراف والسراهناس) والذين يتحدثون اللغة العربية بطلاقة، كما يتحدثون بلهجة البداوة - الشوايا - باتقان غريب. وقد عزف أبناء هذه القبائل بشدة بأسهم وصعوبة مراسهم. غير أن عائلاتهم ستتعرض للانتقام الوحشي وأعمال الانتقام من قبل الافرنسسين، وذلك كرد فعل منهم على الاشتباك الأول مع قوات الثورة. وستكون هذه العائلات أول من يعاني الاضطهاد، وأول من يتعرض للتعذيب بسبب قصة الكمين التي تتلخص بالتالي:
قام ثمانون مجاهدا بقيادة بشير ورطان - الملقب بسيدي هاني - بنصب كمين لقافلة فرنسية تضم كتيبتين، واشتبكوا مع القوة الإفرنسية لمدة (٢٤) ساعة، سقط خلالها (٣٠٠) جندي بين