استعمارية قاسية. وفي بداية الأمر، فصل الأربعة عن رفاقهم المجاهدين في الخلايا القديمة، واتخذت قيادتهم كل ما هو ضروري من الإجراءات لإبعاد الشبهات والشكوك عنهم، ولحماية الأعمال التي كان يتم تنفيذها استعدادا لتفجير الثورة. واستمر التعامل معهم أقصى درجات الحذر، من قبل كل إخوانهم، ذلك لأنهم كانوا حتى تلك الفترة من العناصر الضعيفة إذا ما تمت مقارنتهم بقدامى الثائرين. وكان هناك خوف من ضعفهم تجاه الانقسامات التي كان يصطنعها النظام الاستعماري في قلب الحركة الوطنية.
ولهذا، بقي اتصال هؤلاء الأربعة، خلال مرحلة الإعداد، مقتصرا ومحددا بواحد من رجال التنظيم السري، كانت السلطات الاستعمارية تبحث عنه منذ أحداث سنة ١٩٤٧. وكان واجبه تدريب الشباب الأربعة على استخدام الأسلحة وأساليب القتال. غير أن هذه المرحلة لم تستمرأكثر من أشهر قليلة، إذ كان قادة التنظيم قد تساحوا بالخبرة التي استخلصوها من تجربتهم الحية في سنة ١٩٥١ والتي عايشوها في قلب التنظيم السري. وكانت هذه الخبرة المستخلصة تفرض على رجال التنظيم السري (التحرك بسرعة حتى لا تتوافر للعدو مهلة زمنية كافية تساعده على اكتشاف التنظيم ومعرفة أهدافه). ومن أجل ذلك، احتفظ القادة بموعد بدء الثورة سرا، ولم يعلنوه حتى اللحظة الأخيرة، ولم يكن اختيار موعد بدء الثورة اقتراحا عشوائيا، أو اتفاقيا مصادفا، وإنما كان عملا مدروسا، فتحديد هذا الموعد ليصادف الأول من تشرين الثاني - نوفمبر - حيث (عيد جميع القديسين) هو مناسبة اعتاد الرجال الاستعماريون على الاحتفال بها.