فهناك فوارق جذرية لا يمكن إسقاطها أو تجاوزها، وهذه الفوارق هي التي تعطي (جيش التحرير الوطني الجزائري) خصائصه المميزة، والتي كان من أهمها:
١ - أنه لم ينشأ على أنقاض جيش سابق، فجيش جورج واشنطن نهض على أنقاض الجيش الإنكليزي، والجيش الروسي قام على أنقاض الجيش القيصري، حتى جيش نابليون وجيش الثورة الإفرنسية، قد نهضا على أنقاض الجيش الملكي. وكانت أجهزة الجيوش السابقة وحتى قادتها وأسلحتها هي عماد الجيوش الجديدة. في حين لم يكن لدى الجزائر إلا بعض الأفراد الذين اكتسبوا خبرات محدودة أثناء خدمتهم في الجيش الإفرنسي، وهي خبرة تكتيكية وتقنية لا تصل أبدا إلى مستوى العمليات أو إدارة الحرب.
٢ - إن جيش التحرير الجزائري كان يفتقر للخبرات القتالية، وللتقاليد العسكرية. وقد كان في حاجة لمثل هذه الخبرات وتلك التقاليد وهو يواجه جيشا له تقاليده العريقة وتجاربه الوفيرة، وهو إلى ذلك مجهز بأحدث الأسلحة القتالية التي وصل إليها التطور التقني حتى تلك الحقبة التاريخية.
٣ - لقد تطور جيش التحرير بسرعة مذهلة تجاوزات كل الحدود. وكان مثل هذا التطور قمينا بإثارة الاضطراب في أكثر الجيوش أصالة، وأعمقها التزاما بالتقاليد الموروثة، فكيف الأمر بالنسبة لجيش ولد وتطور من خلال الصراع. ليست هذه كل الفوارق، وإن كانت من أبرزها.
ولكن، وإذا كان جيش التحرير في ولادته وتطوره يفتقر إلى الخبرات المتوافرة للجيوش الحديثة، فقد كان لجيش التحرير