صعوبة كبرى في المحافظة على قواعدها، والاحتفاظ بقوات ضخمة، فقسمت قواتها إلى مجموعات صغرى انتشرت في كل الولايات. وظن ديغول أنه بات يسيطر على (٩٥) بالمائة من الجزائر. ووقف ينتظر استسلام الحكومة المؤقتة لإرادته وكان انتظاره هذا مشابها تماما لانتظار نابليون على أبواب موسكو سنة ١٨١٢. فقد رفضت حكومة الجزائر الخضوع لمنطق القوة، واستمرت في إصرارها التام على رفض عروض ديغول. ووقف الرأي العام العالمي إلى جانبها، يدعمها ويشد أزرها. وهكذا حصل ديغول على النصر العسكري غير أنه لم يحقق أبدا هدفه السياسي.
لقد أدى هذا التطور إلى وضع ديغول أمام مأزق حرج، فقد بدأ القلق ينتاب الرأي العام الإفرنسي في الجزائر، وجزءا من الجيش الإفرنسي، بسبب السياسة الليبيرالية التي حاول ديغول تحقيقها بطرائق ملتوية لإخراج فرنسا من الوحل على حد زعمه. ونجم عن هذا الوضع سلسلة من الحوادث التي تفاقت حدتها وخطورتها: فالحواجز أو المتاريس التي أقيمت في العاصمة - الجزائر - تشير إلى طلاق (الجزائر الإفرنسية) من الحكومة. ووجدت الحكومة الإفرنسية نفسها وهي مرغمة على مهادنة جبهة التحرير الوطني، أو حتى دعمها، للقضاء على التظاهرات التي اجتاحت المدن، الأمر الذي عزز من هيبة الجبهة ودعم من مكانتها. وأعيد (الجنرال شال) إلى فرنسا بعد أن انتهب مهمته العسكرية. وسمحت هذه الضمانات أخيرا بالبدء في مفاوضات (مولان) وأعقبها خطاب ألقاه (ديغول) تحدث فيه عن (الجمهورية الجزائرية). وكان التطور قد أصبح الآن تاما. بيد أن ديغول لا زال يأمل أيضا بأن تسمح التسوية السياسية