النهائية بإنقاذ ما يمكن إنقاذه لتحقيق بعض المكاسب، والمحافظة على المصالح الإفرنسية كما كانت من قبل.
كانت هذه السياسة ليبيرالية بأكثر مما كان يتوقعه الإفرنسيون من ديغول، ولهذا فقد خابت آمالهم في الجزائر، كما خابت آمال الجيش الذي جعل من جبهة التحرير الوطني وجيشها الهدف الأساسي لعدائه، واشتد التوتر في الجزائر. وانفجر المأزق عن الانقلاب الذي دبره القادة - الجنرالات في الجزائر العاصمة. وكانت عملية هذا الانقلاب قد أعدت بصورة سيئة. ونفذت باستخفاف ورعونة، فكان الفشل الحتمي مصيرها. غير أنها نجحت في شيء واحد، وهو تمزيق الجيش الإفرنسي تمزيقا لم يعرفه من قبل. وزاد الموقف سوءا بظهور حركة (منظمة الجيش السري) التي لم تكن في واقعها إلا ترجمة سيئة ورديئة لطرائق الحرب الثورية. وقد شنت هذه الحركة حملة إرهاب عنيفة وحمقاء، زادت من تدهور الموقف بين الإفرنسيين والمسلمين الجزائريين. ووجدت حكومة ديغول نفسها مرغمة على وضع حد نهائي للفوضى والاضطراب، فعادت إلى استئناف المفاوضات (في إيفيان). واعترفت باستقلال الجزائر، وسيطر جيش التحرير الوطني على البلاد، وتجمعت القوات الإفرنسية في الموانيء والمطارات، وبدأت بتنفيذ عملية الجلاء. كما غادر الإفرنسيون المقيمون في الجزائر البلاد، على أمل إرباك البلاد الجزائرية وهي في فجر استقلالها. غير أن حكومة الجزائر تمكنت من تجاوز العقبات.
وانهار البناء الذي عملت فرنسا على إقامته طوال (١٣٢ عاما). وباشر أبناء الجزائر في تضميد جراحهم وبناء حياتهم