يكن هذا الانكار لحقيقة وجود جيش التحرير، إلا من أجل ممارسة الإرهاب، وإهدار دم الثوار، وتطوير أعمال الابادة باعتبارهم (خارجين على القوانين - الإفرنسية) فوق أرض (الجزائر الإفرنسية) كما كان يزعم دهاقنة الاستعمار ورجاله وأجهزته.
لعل من أدعى خصائص جيش التحرير الجزائري، المدهشة، هي أنه تكون في بداية عهده بمنتهى التواضع من بضع مئات من الرجال، فلم يلبث أن تطور بسرعة تكاد تكون خيالية. ولقد وطن هذا الجيش نفسه على مستلزمات النضال التحرري، وأخصها حرب العصابات، فكان بذلك جيشا ثوريا من الأنصار، وجيشا نظاميا في آن واحد. وقد ظهر ذلك واضحا من خلال تنظيمه وكيانه الحقوقي. فتقسيم البلاد، إلى ولايات ومناطق، وتعيين المسؤولين العسكريين والمدنيين في كل منطقة ومديرية وقسمة، ونظام التسلسل العسكري، ونظام التجنيد، وصدور قانون للجيش (المجاهد). وظهور المصالح المتخصصة في الجيش (كالخدمات الصحية والإدارية والتعليمية الخ ...). كل ذلك ينفي عن جيش التحرير صفة (العصابات) ويؤكد صفة جنوده كمحاربين، نظاميين، لهم هويتهم الوطنية والقومية، ولهم قيادتهم المسؤولة، ولهم شاراتهم المميزة، وهم يحملون السلاح علنا، ويتقيدون في حروبهم ومعاركهم بالقوانين والأعراف الدولية.