(إن المشكلة التي تواجهنا ليست مشابهة للمشكلة التي واجهت الصين، فقد حمل الصينيون لواء المقاومة الوطنية والثورة الاشتراكية معا أما نحن فنقف في نصف الطريق بالنسبة إليهم. فالمشكلة الثانية لا تعرض لنا في الوقت الحاضر. لقد حملنا السلاح لتحقيق غرض محدد بدقة وهو: التحرر الوطني).
...
لا ريب أن هذا الاعتدال الذي يظهر في موقف جبهة التحرير من خلال الحديثين الصحفيين، هو أمر مدهش للغاية. لا سيما وأن موقفها العسكري في سبتمبر - أيلول - عام ١٩٥٥. كان لا يزال في منتهى الضعف. فأين تكمن القدرة على إجراء تسوية سياسية؟ إنها في مكان ما بين الدمج والتكامل، وهما أمران مرفوضان رفضا كاملا من قبل الثوار الجزائريين. ومقابل ذلك فقد اشترطت الجبهة لمثل هذه التسوية (إعلان الحكومة الإفرنسية اعترافها بمبدإ - حق تقرير المصير واستقلال الشعب الجزائري) وهو الأمر الذي كانت ترفضه السياسة الإفرنسية. ولقد كان الوضع - إذا ما تم استثناء هذا الشرط (بالإعلان) الذي لم تحدد مدته - قابلا للتفاوض بين الحكومة الإفرنسية وبين حكومة جزائرية تنبثق عن انتخابات حرة تجري في ظل الحكم الإفرنسي. ولا شك في أن هذا الاعتدال مذهل أيضا، عند تذكر مضمونه الدولي. فقد كانت تونس والمغرب على وشك الاستقلال الذي تحقق فعلا بعد بضعة أشهر. ويظهر أن (عمارنة) قد شعر بأن جبهة التحرير لم تكن آنذاك على ثقة تامة من قدرتها على رفض السيادة إذا ما قررت فرنسا منحها لها. لكن هذه هي المرة الأخيرة التي قبلت فيها جبهة التحرير إجراء انتخابات تحت الإشراف الإفرنسي، وكانت المرة الأخيرة أيضا التي أظهرت فيها الجبهة