ووضعها باستمرار في حالة من الاستنفار المرهق للأعصاب، في انتظار ضربة لا يمكن توقع مصدرها أو وقتها. وفي هذا المناخ، نشطت زمر التدمير التابعة لجيش التحرير، فأحرقت مستودعات النفط التابعة للجيش الافرنسي قرب مدينة (تلمسان) والتي كانت تضم (١٥٠) ألف صفيحة بنزين. كما هاجمت قوات جيش التحرير مصنعا للمتفجرات قرب (لافونتين) غربي منطقة القبائل، واشتبكت مع حراس المصنع في معركة دموية رهيبة.
وما كاد يحل شهر (ماي - أيار - ١٩٥٦) حاملا معه ذكرى مذبحة سنة ١٩٤٥، والتي ذبح الافرسيون فيها (٤٥) ألف مسلم جزائري، حتى أظهر الثوار تصميمهم للانتقام ثأرا لتلك الضحايا البريئة. فوضعوا خطة لحصار (تلمسان) و (الغزوات). وأخذت القوات تتحرك بمجموعات صغيرة لتلتقي عند حدود مدينتي (تلمسان -و -الغزوات) بقوة تزيد على خمسة آلاف مقاتل. وقد حاول الافرنسيون فك الحصار، فتكبدوا خسائر فادحة. ثم تفرقت قوة المجاهدين بعد أن نفذت مهمتها بنجاح. وتابعت عملها في نصب الكمائن، والاغارات، التي غنم فيها الثوار المجاهدون كميات كبرى من الأسلحة والذخائر التي عوضت لهم بعض ما كانوا يحتاجونه في تلك الفترة الحرجة وهكذا، وبينما كانت هذه العمليات تجري في منطقة وهران، كانت مناطق الجزائر وشمالي قسنطينة والأوراس مسرحا لاشتباكات عنيفة وحوادث تدميرية. فكانت قوات الثورة تجد في عملياتها بعض ما يساعدها على تأمين متطلباتها، وتعمل في الوقت ذاته على حرمان قوات العدو من موارده الحياتية (بإحراق الحقول والمزارع التي يمتلكها الأجانب) ومن موارده القتالية، فتتزايد قوة على حساب ضعفه.