من التدريب، بالخروج الى الجبال لقتال جيش التحرير الوطني. وعقد قادة القبائل مؤتمرا سريا لمناقشة الموقف، وقرروا تمثيل معارك صورية مع إخوانهم المجاهدين، وأن يتركوا على أرض المعركة (جثث الخونة) الذين يتم إعدامهم عادة.
وقد طبق هذا النظام بصورة دقيقة بضعة أشهر، كان فيها السلاح والمدافع والذخيرة، تتسرب كلها من هذه المجموعات الى المجاهدين في (منطقة القبائل). ومن السخرية حقا - بالكفاءة الافرنسية - ألا يكتشف القادة الاستعماريون سر هذه العملية، إلا عندما أعلنها مباشرة القائد (عبانة) أبرز قادة منطقة القبائل، ولكن وقبل أن يسمح (عبانة) لنفسه يكشف السر، وقبل أن يتمكن الافرنسيون أيضا من القيام بأية عملية انتقامية ضد هذه الجماعات، كان أفرادها قد قتلوا ضباطهم الافرنسيين، وعادوا إلى الالتحاق بقواعدهم لخوض الصراع مع إخوانهم المجاهدين.
لقد حملت هذه العملية اسم (الطائر الأزرق). وما من أحد يعرف سبب هذه التسمية. غير أن الأمر الثابت والمؤكد هو أن هذه العملية لم تكن الفريدة في نوعها. ويضم التاريخ - غير الرسمي وغير المعلن - للثورة الجزائرية، كثيرا من القصص المماثلة، والأحداث المثيرة وقد عرف عن بعض الضباط الافرنسيين - من رجال الخدمات الادارية الخاصة - أنهم تعاونوا أحيانا مع قادة جبهة التحرير الوطني - المحليين - أحيانا عن قصد، وأحيانا بدون قصد، في مشاريع مفيدة للجانبين. وكثيرا ما كان بعض الأثرياء من المستوطنين يجدون أنفسهم مرغمين على دفع الجزية إلى جبهة التحرير، مقابل سلامة ممتلكاتهم والمحافظة على أرواحهم.