وشعاب ملتوية يشقها واد بعيد الغور، وبها مكامن يتعذر الوصول إليها. ولقد وردتنا معلومات أكيدة بأن فرقة كبيرة من جيوش الأعداء تضم الجنود الشبان الذين قدموا حديثا من مدينة (نانت) قد كلفت باقامة مراكز للمراقبة فى تلك الناحية (المشكوك فيها). وكانت تلك المعلومات الواردة من مصلحة (استعلاماتنا) دقيقة جدا، إذ مكنتنا من معرفة المسالك التي ستمر بها الفرقة المذكورة، وكذلك أوقات تحركها، ومواعيد توقفها في كل مرحلة من المراحل، وحتى عدد جنودها ونوع أسلحتها وأسماء ضباطها. ولم يبق علينا إلا التهيؤ لاستقبالها والاستعداد للقضاء عليها.
وعلى هذا، فما انبثق فجر يوم ٦ ابريل (نيسان) حتى كان جميع رجالنا على علم بتفاصيل العملية التي سيتم تنفيذها، إذ أن من مبادىء جيشنا الفتي أن يعرف المجاهدون دائما هدفهم، والى أين هم قاصدون، وماذا يريد قادتهم منهم، وكثيرا ما تدرس مخططات العملية، ويتم الاعداد لها بحضورهم ومشاركتهم الفعلية.
قام الضباط والموجهون السياسيون بتزويد المجاهدين بتعليماتهم الأخيرة والتحق كل رجل بمركزه المحدد له، ونصبت الرشاشات الثقيلة منها والخفيفة في المراكز المناسبة، وانتشرت البنادق الرشاشة والمدافع الصغيرة في أماكنها، كما اختار (مهرة الرماة) أفضل المواقع المناسبة لهم بأعلى الجبال وبين الصخور. وكمن الجميع بانتظار العدو الذي بات من المتوقع ظهوره بين فترة وأخرى. ولم يطل الانتظار، فما هي إلا فترة وجيزة حتى بدأت جنبات الوادي العميق والعاري من كل نبات، في ترديد أصداء هدير المحركات. وأيقن المجاهدون، وهم ينتظرون بصمت وخشوع، أن عددهم بات قريبا منهم، ففيم كانوا يفكرون في تلك