للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجدير بالذكر أن المجاهدين أفادوا في معركتهم من الأسلحة والذخائر التي غنموها في معركتهم الأولى، فكبدوا العدو خسائر فادحة، وكانت رمايات المجاهدين مميزة بدقتها وإحكامها، بحيث أنه قلما انطلقت رصاصة إلا وأصابت معتقلا من جند العدو. وأثناء ذلك، كان سيل قوات العدو مستمرا في تدفقه، وقد تمكنت هذه القوات من تشكيل سياج أحاط بميدان المعركة على مساحة قدرها خمسون كيلومترا مربعا. واشتركت في تشكيل السياج ومحاصرة قوات المجاهدين قوة ضمت آلاف الجنود الافرنسيين المدعومين بست طائرات مطاردة، واثنتي عشرة طائرة عمودية (هيليكوبتر) وثلاث طائرات استطلاع (بيبركاب)، وعدد من جنود المغاوير البحرية (ذوي القبعات الخضراء - المظليين أيضا) والذين استمر إنزالهم خلف قوات المجاهدين طوال ساعات عديدة. وظهرت للمجاهدين خطة العدو واضحة تماما: إنه يريد تدميرهم وإبادتهم. غير أن ذلك لم ينل من روحهم المعنوية، فرفعوا أصواتهم بالنشيد الوطني (وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر) ذلك النشيد الذي بات لحنا حلوا على لسان الجزائريين، رجالهم ونسائهم وأطفالهم، والذي باتت تردد أصداءه الجبال والوديان وجدران السجون والمعتقلات والمحتشدات.

قرر المجاهدون الخروج من دائرة الحصار، ووضعوا خطتهم، وأعادوا تنظيم قوتهم، واختاروا النقطة التي سيفتحون فيها ثغرتهم، وقاموا بالانقضاض مستخدمين كل قوة نيرانهم، وأمكن لهم شق طريقهم، وخلفوا العدو وراءهم. غير أنهم لم ينسوا في مأزقهم، وبالرغم من سرعة انسحابهم، أن يحملوا معهم ما غنموه من السلاح، بقدر ما تسمح لهم قدرتهم على الحمل، فكان في

<<  <  ج: ص:  >  >>