للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يثمل المجاهدون بما أحرزوه من نصر، فقد كانوا على ثقة بأن العدو سيرسل نجدات عاجلة لإنقاذ قواته ودعمها، فكان لزاما عليهم التربص لهذه القوات، وفي الحقيقة، فإنه لم تمض فترة طويلة حتى ظهرت قوات جديدة وهي تقترب من مسالك الجبال، بالإضافة إلى تلك القوات من المظليين التي أخذت في الهبوط من الطائرات العمودية. وكانت الامدادات تتدفق من كل مكان. ولاحظ المجاهدون أن هناك بعض مفارز المظليين (ذوي القبعات الحمراء) قد جاؤوا من (تبسة) ذاتها. واستمر تقاطر القوات طوال فترة المساء، واستؤنف في اليوم التالي. فعرف المجاهدون أن في انتظارهم موقعة ستكون من أقسى المعارك التي دارت رحاها بين المجاهدين وبين قوات الاستعمار الإفرنسي، منذ أن اندلعت نار الثورة.

كان الرماة المجاهدون، وهم في مكامنهم العالية المنيعة، يطلقون النيران الكثيفة من رشاشاتهم على الطائرات المقاتلة والطائرات العمودية حتى يمنعوها من الهبوط وكانت الطائرات المقاتلة مختلفة في نوعها، منها قاذفات القنابل ومنها المطاردة - الاعتراضية .. استمرت الاشتباكات العنيفة طوال الليل، على ضوء الشهب المنيرة التي كانت تطلقها الطائرات الإفرنسية فتحيل ليل المعركة نهارا وتجددت الاشتباكات بوتيرة متصاعدة في الساعة الخامسة والنصف من صباح الغد. وأظهر المجاهدون من الإقدام والثبات بقدر ما أظهروه في معركة اليوم السابق، ما وهن لهم عزم، ولا ضعفت منهم إرادة، ولم يفتر تصميمهم في وقت من الأوقات عن طلب النصر أو الشهادة. ولهذا لم يكن يهمهم الإسراع لملاقاة عدو يتفوق عليهم بكثرة عدده ووفرة عتاده وتفوق أسلحته

<<  <  ج: ص:  >  >>