للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونذالة، وهل هناك من بات يجهل قصص (فظائع التهدئة) التي عمت الجزائر؟ ...

وهل من الناس من لم يعرف ما نظمته فرنسا في سنة (١٩٥٦) من إحراق للغابات، مع من يقيم فيها من المواطنين، وبما فيها من خيرات؟ وهل في الناس من يجهل اليوم (أخبار المشوهين) الذين يموتون تحب التعذيب، لا لسبب إلا بسبب حظهم العاثر الذي جعلهم يصادفون جنديا إفرنسيا في الطريق؟ ومن يجهل أيضا حوادث الإعدام بدون ذنب ومن غير محاكمة؟ ومن من الناس يجهل حوادث المشبوهين الذين تقذف بهم الطائرات الإفرنسية، فيقضون أجلهم في الفضاء قبل أن يتحطموا على الأرض كتلا آدمية، وقطعا متداخلة من لحم وعظام؟ وهل هناك من لم يعرف بتلك المجازر الاجماعية التي لم يتردد الافرنسيون المتحضرون في أن يستعملوا الفؤوس لتهشيم الرؤوس وقطع الرقاب، ليصدق الناس - حسب توهمهم - أنها من فعل الثوار؟ ...

لم يقف جند فرنسا - المتحضرة - عند حدود تقتيل المدنيين والأبرياء، بل تجاوزوا ذلك الى ذبح النساء والشيوخ والأطفال، وبقر بطون الحوامل ليروا ما تحمله من ذكر أو أنثى، بعد أن يكونوا قد قامروا عليها فيما بينهم بزجاجة خمر أو حتى علبة لفافات تبغ (سجاير). وكأن ذلك كله لم يكف السلطة الاستعمارية الإفرنسية، فراحت تقتل في وضح النهار باسم القانون، وتعلن للدنيا قاطبة، وكأنها تتحدى العالم أجمع، تقتيلاتها تلك، فنصبت المقصلة تقطع رؤوس المجاهدين الجزائريين الذين يعتبرون في نظر الاتفاقيات الدولية أسرى حرب، لا حق لفرنسا في أن تحاكمهم، فضلا عن أن تنفذ فيهم أحكام الإعدام.

<<  <  ج: ص:  >  >>