طائرات الاستطلاع التي كانت تسبق دائما القوافل، واختلط ذلك بزمجرة محركات السيارات مؤذنة باقتراب قافلة العدو من موقع المجاهدين. وتوترت أعصاب الرجال الذين وضعوا أصابعهم على الزناد، وحبسوا أنفاسهم بانتظار اللحظة الحاسمة التي تنطلق فيها طلقات الأسلحة الآلية (الأوتوماتيكية) المكلفة بعزل الدبابتين الأمامية والخلفية. وفجأة، ارتفع صوت رامي الرشاش مجلجلا في وسط السكون المطبق (الله أكبر) وفي الوقت ذاته، انطلقت الطلقات من الرشاش (٢٤) وهي تصفر بصوت حاد، وتنفست الرشاشات الصامتة الصعداء بعد طول انتظار ورافقتها كل الأسلحة مشكلة جوقة موسيقية متكاملة: نيران البنادق المختلفة، والقنابل اليدوية وهي تنهمر على سيارات العدو. وبوغت الجنود الإفرنسيون مباغتة كاملة، فارتفعت منهم صرخات الرعب وصيحات الاستغاثة بينما كانت سياراتهم قد تحولت إلى مشاعل ملتهبة.
تقدم المجاهدون بعد ذلك فجمعوا الأسلحة التي رميت على الأرض، أو رقدت فوق جثث القتلى، وكانت دهشة المجاهدين مذهلة عندما بوغتوا وهم يجمعون الأسلحة بظهور أربع فتيات إفرنسيات خرجن من خندق وراء الطريق، لقد كن في القافلة، وليس هناك من يعرف كيف نجون من الرصاص والحريق. وتقدمت إثنتان منهن مرتعشات وصاحتا (لا تقتلونا! نحن نسوة! ..) وأجابهن مجاهد: (لا عليكن! نحن ثرنا لنحارب الرجال لا النساء!) هذا فيما كان مجاهد آخر يأخذ منهن السلاح الذي كن يحملنه عندها، وعندها فقط، لاحظ المجاهدون أن الدبابتين اللتين كانتا في مقدمة القافلة قد لاذتا بالفرار، متوجهتين إلى بلدة - سريانة - فحمل المجاهدون غنائمهم وانسحبوا مسرعين.