للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصمت، إلا من الصراخ والأنين والأصوات الحزينة الشاكية تنبعث من جرحى الأعداء وهي تائهة مختنقة، وبينما كانت قوات المجاهدين تنسحب مبتعدة عن ميدان المعركة ظهرت الطائرات وهي تدوي بهديرها في وحشة الليل لترسل أنوارها الكشافة فتضيء السماء، وتساعد قوات العدو على إخلاء جرحاه وإحصاء قتلاه. وكان منظرا مثيرا قيام قادة الوحدات الاستعمارية بصب النفط على الجثث المبعثرة والرؤوس المتناثرة لقتلاهم ثم إشعال النار فيها، وكان باستطاعة المراقب البعيد أن يرى سفوح جبال (ميمونة) وهي تحترق بجثث الأعداء، في محاولة لإخفاء آثار الهزيمة المنكرة التي نزلت بهم.

...

لم تقف قصة الكمين عند هذه النهاية، فإذا ما عجزت قوات الاستعمار عن مجابهة المجاهدين المسلحين فلا أقل من أن تنتقم من المدنيين العزل. وهكذا إتجهت وحدات العدو للبحث عن ضحايا بريئة تصب عليها نقمتها، وتثأر منها لهزيمتها، فوصلت عند العاشرة مساء إلى مضارب بعض البدو الرحل من قبيلة (أولاد سليمان) وهناك، جمع الرجال الموجودون في الخيام، وكانوا تسعة عشر رجلا، بينهم شيوخ عجز لا يستطيعون رفع أيديهم في الهواء، وبعض الشبان ثم طفلان عمرهما (١٤) و (١٥) عاما.

وأراد جند الإستعمار أن يظهروا أمام هؤلاء المدنيين العزل شجاعتهم التي فقدوها في ميدان المعركة، فأخذوا يضربونهم بمقدم بنادقهم ويصيحون فيهم (أنتم فلاقة - عصاة) ثم أجبروهم على المبيت عراة طوال الليل، والبرد القارص يعضهم بنابه، ثم إقتادوهم

<<  <  ج: ص:  >  >>