وعرفوه ... إنه أيضا من مجاهدي الناحية، وممن يعملون في عمل إداري في صفوف جبهة التحرير الوطني. وكان مع (الرجل الغريب) صبي يحمل في يده إبريقا من القهوة، وسلة (قفة) صغيرة يغطيها منديل. وسرعان ما اكتشف (الرجل الغريب) أنه يعرف رئيس مجموعة المجاهدين، فأقبل عليه يعانقه بدفء وحرارة، ومضى رئيس المجموعة وبرففته (الرجل الغريب) والصبي حامل القهوة إلى حيث ينتشر المجاهدون.
طلع النهار، وجلس الجميع تحت شجرة كثيفة، يرتشفون جرعات القهوة الساخنة. ووجه رئيس المجموعة سؤاله إلى هذا الغريب - الذي لم يعد غريبا - وقال له: كيف حال الأخوان هنا؟ وأجابه الرجل: إننا والحمد لله بأحسن حال! وسكت قليلا، ثم أردف قائلا: لقد لمحتكم وأنتم تجتازون السهل الذي بجانبنا، فعرفتكم. وأظن أن حرس المراكز المجاورة لناحيتنا (دوارنا) من الناحية الشرقية قد شعر بكم أيضا، لأن هذا الحرس قد أسرع بالتحول عن مراكزه، واتجه نحو مركز (يوكس الحمامات). ولهذا فقد أسرعت أنا بدوري للقدوم عليكم وإعلامكم بذلك لتكونوا على استعداد للطوارىء. فشكره رئيس المجموعة على يقظته وحزمه.
ثم استدعى على الفور ثلاثة جنود وجندي أول، وشكل منهم دورية أمرها بالتوجه إلى الناحية المشرفة على مركز (يوكس الحمامات). ثم أرسل دورية ثانية إلى ناحية (مسكيانة). وأتبع ذلك بإصدار مجموعة من التعليمات لتشديد الحراسة في عدد من النقاط الأخرى. وكان هذا المجاهد - المدني - ينظر بإعجاب إلى الجنود وهم ينفذون الأوامر بسرعة، رغم ما هم عليه من التعب الذي