حتى أشرفت الشمس على المغيب وعندئذ بدأ المجاهدون في التخفيف من قواتهم المهاجمة لدعم القوات المدافعة والتي باتت محاصرة. وما إن أطبق الظلام حتى كانت قوة المجاهدين بكاملها موجهة نحو هدف واحد، هو فك الحصار المضروب على بعض المجاهدين، والخروج من أرض المعركة.
وللوصول إلى هذا الهدف، دفع المجاهدون الرشاشات أمامهم، وانتشروا خلفها، ثم انطلقوا بانقضاض مباغت على العدو الذي كان يحكم الحصار، وكان الصدام دمويا عنيفا بحيث كان لهيب المعركة يزيد في قوته على كل الاشتباكات التي استمرت النهار بطوله. وبعد ساعة كاملة استطاع المجاهدون شق طريقهم بنيرانهم وبقوة حرابهم، وكبدوا العدو خلال ذلك خسائر فادحة لم يتمكنوا من إجراء إحصاء لها، بسبب الظلام الشديد.
ما إن ابتعد المجاهدون عن خط النار حتى توجهوا إلى (جبل بو خضرة) الذي لم يبلغوه إلا عندما طلع النهار. وارتفع قرص الشمس في السماء حتى إذا ما بلغ وقت الضحى، أقبل المواطنون - المدنيون - يحملون إلى المجاهدين الطعام والماء، ويعملون على مساعدتهم في تضميد جراح الذين أصيبوا بها - خاصة - أثناء فك الحصار. وهنا واجهت المجاهدين مشكلة كان من الصعب عليهم حلها، فقد حملوا معهم أثناء انسحابهم الأسلحة التي غنموها، وكانوا يرغبون في توزيعها على هؤلاء - المدنيين - الذين كانوا يطلبون بإلحاح تجنيدهم وتسليحهم إلا أن عدد المتطوعين كان أكبر من عدد الأسلحة. وكان من يحرم من السلاح يشعر بأن مجاهدي جيش التحرير يفضلون عليه من يقبلون تطوعه لقد كانوا جميعا بشوق لحمل السلاح، وكلهم تملؤه الحماسة للجهاد، غير أن قلة