كتيبة من كتائب جيش التحرير كانت مقيمة بنواحي (بني صالح) بإرسال دورية استطلاع، وعندما عادت الدورية أفادت بأن هناك وحدة من الجيش الافرنسي تضم ثلاثين جنديا تقريبا، قد توقفت في الجبل المقابل، فسار مجاهدو الكتيبة على الفور، سالكين الشعاب الضيقة والدروب الصعبة حتى لا يشعر العدو بحركتهم. وعندما وصلوا إلى مسافة قريبة من العدو، نظموا قوتهم، وضربوا نطاقا حوله. ويظهر أن العدو لم يكن يتوقع ظهور المجاهدين في تلك الناحية، ولهذا أهمل ترتيبات الأمن، وانتشر أفراده فوق الأرض وقد ربطوا خيولهم إلى جانبهم. وبعد أن أحكم المجاهدون الحصار حول أعدائهم. أطلقوا نيرانهم كلها دفعة واحدة، فلم يتمكن الجنود الافرنسيون من إبداء أية مقاومة، وحاول بعضهم الفرار فصرعتهم رصاصات المجاهدين المحكمة. وما هي إلا ربع ساعة حتى كان المجاهدون يغادرون أرض المعركة التي امتلأت بجثث المرتزقة الاستعماريين، ومعهم خيول العدو وأسلحته. وبعد فترة قصيرة، بدأت نجدات العدو بتطويق الناحية من كل جانب، وامتلأت السماء بالطائرات المتعددة الأشكال (من ب ٢٦ وموران والطائرات المطاردة وطائرات الاستطلاع) كما أخذت (١٨) طائرة عمودية (هيليكوبتر) بإنزال قوات إفرنسية فوق قمم الجبال، في حين كانت الأرض تهتز بالقنابل المتساقطة من كل مكان، واشتعلت الغابة بقنابل النابالم التي كانت الطائرات تلقيها من غير توقف حتى أصبح الجبل كله مشعلا من اللهب الحارق، ولكن المجاهدين الذين كانوا يعرفون شعاب الجبل الخفية ودروبه السرية، لم يعبأوا كثيرا بما يحيط بهم، وأمكن لهم الخروج من دائرة الحصار بعد أن خاضوا اشتباكا رهيبا مع إحدى وحدات العدو كبدوها فيه (٦٥) قتيلا، بحسب اعتراف