يقع مركز الحمدي (أو برج أمراو) فوق أرض منبسطة، عارية من كل الأشجار، ومكشوفة من كل جهاتها، ما عدا جهة الشمال التي تتخللها شعاب صغيرة تنبت فيها نباتات (الدفلة) وتجري فيها بعض الجداول الصغيرة. وعلى بعد كيلومترين في اتجاه الشرق، ترتفع الجبال التي تكسوها غابات البلوط والصنوبر، ويضم المركز مجموعة من الأبنية وأبراج الحراسة - المراقبة - والملاجىء المحصنة، بالإضافة إلى ثكنة كبيرة، ومجموعة من الأكواخ التي أقيمت في وسط المركز من أجل حشر المدنيين الجزائريين المسلمين ممن أرغموا على الإقامة في المركز، والعيش فيه، وراء سياج من الأسلاك الشائكة المحيطة بالمركز من كل جهاته.
كانت قوة من مجاهدي جيش التحرير تسير تحت ضوء القمر في ليل ٢٨ تشرين الثاني - نوفمبر - ١٩٦٠. وهي متجهة نحو هدفها، فوصلت في الساعة الواحدة صباحا الى مسافة قريبة من المركز، وتابعت زحفها بصمت حتى وصلت إلى سياج الأسلاك الشائكة والبالغ من العمق - العرض - عشرة أمتار تقريبا. وأعطيت شارة الانقضاض، ففتحت الأسلحة نيرانها من كل جهة نحو المركز، وفجرت الحشوات المستطيلة (البنغالور) تحت سياج الأسلاك الشائكة، فانفتحت الثغرات، واندفع المجاهدون بحماسة وهم يرددون صيحة الحرب:(الله أكبر! الجهاد! الجهاد!) وبلغت الحماسة ببعض المجاهدين أشدها فدفعتهم لاجتياز الأسلاك الشائكة التي لم تمزقها المتفجرات بصدمة أجسامهم، دون أن يحاولوا التمهل لقطعها بالمقصات التي كانوا يحملونها. وهدفهم الوصول بسرعة والقضاء على العدو قبل أن يستفيق من هول الصدمة، وقبل أن يلتقط أنفاسه من ذهول المباغتة. وقد حاول