إعداد المواد المطلوبة لتنفيذ أعمالهم. غير أنه كان يكفي عد الأجهزة الموضوعة في الزاوية والتي انتهى (أوزناني) من تجهيزها لنعرف أنهم كانوا على وشك الانتهاء من عملهم، وأنهم في سبيلهم لتصنيع القنبلة الأخيرة. وكنت أجد صعوبة في إيجاد أية كلمة مناسبة للبدء بالحديث. فالتزمت بالصمت.
كنت أعيش منذ حين على هاجس الانفجارات وأعمال التدمير التي سنقوم بتنفيذها الآن. ولم تكن أفكاري تفسح المجال للعواطف الإنسانية. وكنت، وأنا في موقفي هذا أطمئن نفسي بأن الساعة التي تم تحديدها لإعداد العملية وتنفيذها، ستكون في وقت متأخر جدا، بحيث لن يكون هناك خطر كبير في تعريض حياة عدد من المخلوقات البشرية للكارثة وبهذه المناسبة، فقد كانت تعليمات قيادة جبهة التحرير الوطني الجزائرية واضحة ودقيقة: اختيار أهداف في فرنسا وتدميرها على أن تكون هذه الأهداف عسكرية أو صناعية بحيث يؤدي تدميرها طبيعيا لإضعاف القدرة القتالية للعدو. وكان هذا العدو من وجهة نظر قيادة جبهة التحرير الوطني ومن وجهة نظر الشعب الجزائري ممثلا بهذه الأجهزة الصناعية الضخمة، والأجهزة العسكرية، والتي يجب تدميرها لأنها هي التي مكنت الاستعماريين الفرنسيين من إحكام قبضتهم على وطننا الجزائري منذ النصف الأول للقرن التاسع عشر. أما عمليات التصفيات الجسدية ضد الأشخاص والأفراد فإنها لم تقرر، ولم تنفذ، إلا في الحالات التي كان فيها هؤلاء الأفراد يشكلون خطرا حقيقيا على شعبنا الذي كان يخوض صراعه المرير من أجل تحرره الوطني واستقلاله. وكان الأمر يزداد دقة في فرنسا حيث كانت كتلة العمال الفرنسيين تتعاطف تعاطفا واضحا مع جبهة التحرير الوطني وأهدافها.