للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم ... انطلقنا في وقت واحد، ونحن نتحدث في موضوع (المناورة التشتيتية) التي يجب أن تضطلع بتنفيذها زمرة الحماية حتى تضمن لنا العمل بحرية تامة، ومن غير خوف أو قلق. وقال لي (عمار) بأن عقارب الساعة قد أشارت إلى التاسعة مساة (٢١،٠٠) وهذا هو الموعد المحدد لإشعال الحرائق في (غابات ايستريل). ولم أجبه بأية كلمة، غير أنني كنت أحاول إقناع نفسي بأن المغاوير - الكوماندو - هم الآن على وشك البدء بتنفيذ مهمتهم، وأن النجاح سيكون حليفهم، لا سيما وأن الحرارة اللاهبة في هذه الأيام القائظة. والجفاف الذي سيطر على (منطقة الميدي) في الفترة الأخيرة سيساعدهم كثيرا في تنفيذ المهمة. وانفرج الباب قليلا بقدر ما يسمح للفدائي (عبد القادر) بالخروج من الغرفة، وأعلمنا بأن (أوزناني) قد فرغ للتو من عمله. قال ذلك بلهجة طبيعية تماما، واستدار فورا، من غير انتظار، ليلحق بالآخرين.

وانتظرت قليلا حتى يتخذ (عمار) قراره، غير أنه لم يفعل شيئا، فدعوته عندها للدخول. وقد جرت العادة في مثل هذه الظروف الخطيرة والحرجة، أن يقول المسؤول بضع كلمات ليذكر المنفذين بهدف هذا الاجتماع، وأهميته، ويشجعهم على المضي في تنفيذ مهمتهم المقدسة والخطيرة، ويضع القطار على الخط الحديدي - كما يقولون -. وكان الرجال جميعهم على أهبة العمل، غير أنه ما من حركة صدرت عن أحدهم تنم عن التوتر أو العصبية. كان من طبيعتي الإقلال من الحديث، إذ كنت - كما يقولون - رجل عمل. وقد أرغمت على ممارسة دور (الموجه السياسي) فكنت أجد صعوبة كبرى في العثور على تعبيرات تتجاوز كلمات (إفعل هذا) أو (قم بتلك المهمة)، أو (تعال إلى هنا)، أو

<<  <  ج: ص:  >  >>