(إذهب إلى هناك). وألقى علي (عمار) نظرة متسائلة - استفهامية - عما ساقوله أو أفعله. والوقت يمضي سراعا، وأنا لم أتمكن بعد من السيطرة على أفكاري - ومضت ثوان وذهني خاضع لحالة من الاضطراب والتشتت. وكان لا بد من مجابهة الموقف السلبي - الجامد - الذي وقفناه جميعا، فطلبت إلى (أوزناني) أن يقوم بمراجعة عامة للحركات الذي يجب تنفيذها لإكمال سير عمل الأجهزة المتفجرة (آلية التفجير) وذلك عندما سنطلق كل فدائي وحده لتنفيذ مهمته على الهدف المحدد له. وكانت هذه العملية بالنسبة لي (مناورة تأخيرية) تسمح لي بفسحة من الوقت لإعادة تنظيم أفكاري.
نفذ (محمد أوزناني) ما طلبته إليه بسرعة، وانصرف الفدائيون - بصمت كصمت المتعبدين في صلواتهم - وهم يتابعون بكل يقظتهم وانتباههم ما كان (أوزناني) يقوله من إيضاحات وتوجيهات وتحذيرات. ولما كان هؤلاء الفدائيون جميعا ممن نفذوا مهمات مختلفة، فإنه لم تكن بهم حاجة لمثل هذه البيانات التفصيلية من أجل وضع قنبلة فى مكان محدد. وعلى الرغم من ذلك، فقد أظهروا اهتماما كبيرا بما يتم تقديمه لهم من بيانات، ولعل مرجع ذلك إلى ما عرف عنهم من الانضباط الصارم في تنفيذ كل ما يطلب إليهم تنفيذه، أو لعله الحافز للتذكير بما هو معروف من معلومات.
دق جرس باب المدخل في هذه اللحظة، فذهبت بنفسي لفتحه. وعندئذ شاهدت عميلتنا المسؤولة عن تأمين الاتصالات (ناديا) التي وصلت لاهثة؛ لقد جاءت راكضة من الطريق العام إلى المزرعة، بعد أن أوصلتها شاحنة عامة (باص) إلى الموقف الكائن على الطريق العام. وأخذت (ناديا) في الحديث بكلمات متقطعة، فطلب إليها التزام الصمت حتى تستعيد أنفاسها ورافقتها إلى