الحجرة حيث طالعتها وجوه لم تكن قد تعرفت عليها من قبل. غير أنها لم تشعر بضيق أو حرج وهي تشهد مناخ القتال الذي كان مخيما على المزرعة. ثم أخذت في الحديث وهي تقتحم الموضوع مباشرة بشأن (المناورة التشتيتية) فذكرت بأن الحريق قد أندلع في (غابات ايستريل) من كل جهاتها. وأن عربات إطفاء الحريق قد انطلقت في هذه اللحظة عبر شوارع (مارسيليا) كلها وهي متجهة لإخماد الحريق الهائل.
ظهر لي بأن (أوزناني) قد مضى سريعا في شرحه وبياناته، أو لعلي لم أشعر بمضي الوقت إذ فقدت الإحساس بانقضائه. وقد جاءت الأخبار الجيدة التي حملتها معها (ناديا) فاستشارتني، وأهاجت انفعالاتي، وبت متفائلا، وحاولت نقل هذا الإحساس بالتفاؤل إلى إخوتي الفدائيين، فألقت بنكتة ساخرة انفجر لها الجميع ضاحكين. واغتنمت هذه اللحظة من المرح لأعلن بلهجة جادة، صارمة، بأن عملية (العاصمة) قد أخذت طريقها إلى التنفيذ. وأوضحت أن الاسم الاصطلاحي (لعملية العاصفة) يشمل كل العمليات التي سيتم تنفيذها في هذه الليلة، فوق الأرض الفرنسية، وفقا للتعليمات التي أصدرتها القيادة العامة لعمليات جبهة التحرير الوطني. وقلت لهم بأنهم لن يكونوا الوحيدين الذين سينفذون في هذه الساعة الأعمال التدميرية، بل إن هناك زمرا أخرى من الفدائيين التابعين (للمنظمة الخاصة) ينتشرون في كل أنحاء فرنسا، وهم يستعدون مثلنا للهجوم على الأهداف المعادية وتدميرها.
وعلى هذا فإن عملياتنا ليست منعزلة بعضها عن بعض. وغدا! سيستيقظ الشعب الفرنسي ليجد نفسه أنه بات مضطرا للعيش في